والدين النصيحة، وكثير من الناس يبدأ الموضوع في الكلام في الآخرين قصده محض النصيحة لا شك ما يشك فيه، لكن لا يلبث أن تتدخل حظوظ النفس أثناء الكلام فيأثم بهذا، فالذي لا يستطيع أن يضبط نفسه؛ لأن الغيبة أبيحت في مواضع نعم أبيحت في مواضع أوصلها أهل العلم إلى ستة، لكن هنا واجب أن يتكلم في الرواة؛ لأنه لا تتم صيانة الشرعة المكرمة إلا بهذا، التصحيح والتضعيف لا يمكن إلا بهذا، ولذا أورع الناس الأئمة تكلموا في الرواة، انتقدهم من انتقدهم من الجهال، لكن لا قيمة لانتقادهم؛ لأنه لولا الكلام في الرواة جرحاً وتعديلاً ما عرفنا الصحيح من الضعيف، لكن على الإنسان أن يهتم بهذا الباب، ولا تدخل فيه حظوظ النفس؛ لأنه ينتقل من كونه نصيحة إلى كونه غيبة، قد تذهب إلى مسئول تحذره من فلان؛ لأنه يقع في كذا وكذا، هذه نصيحة، لكن يبقى أنك أحفظ نفسك، أولاً: يجب عليك أن تقتصر على القدر الواجب اللازم ولا تتعدى ما يتم به هذا الأمر، الأمر الثاني: أنك تحتاط لنفسك، فإذا خشيت أن يدخل في أثناء الكلام شيء من حفظك، مما يترتب عليه تنقص أخيك هذا قف؛ لأن أهم ما على الإنسان نفسه فليحفظ نفسه.
لا بد؛ لأن الناقد المعدل والجارح له شروط عند أهل العلم، يعني ما هو بكل إنسان يعدل ويجرح، ولذا يقولون في النقاد يتكلمون، أهل العلم تكلموا حتى في النقاد، ونصوا على أن أبا الفتح الأزدي، وله مؤلف في الجرح والتعديل، قالوا: وأبو الفتح الأزدي غير مرضي في كلامه على الرجال، نعم لأنك إذا وقعت في شخص هذا وقع في أشخاص، فالتحذير منه أو بيان منزلته عند أهل العلم أمر لا بد منه.
"مطلع" نعم ما يتكلم إلا من شيء يأوي إليه أما ظنون وأوهام وتوقعات مطلع عارف بالسبب الذي من أجله يعدل، والسبب الذي من أجله يجرح.