فالقرآن كما ذكرنا مصون، ولا يستطيع أحد أن يلبس على أحد، ولا يمكن وهذا من حفظ الله -عز وجل- لكتابه أن تروج نسخة زيد فيها حرف على المسلمين ولا على عوام المسلمين.
يحيى بن أكثم قاضي في عهد الرشيد، دعوا عنكم ما يذكر في كتب الأدب، لكنه قاضي وعالم من علماء المسلمين، دعا يهودياً إلى الإسلام فرفض رفض اليهودي، وبعد سنة سنة كاملة جاء اليهودي إلى يحيى بن أكثم وأعلن إسلامه، فسأله عن قصته وسبب إسلامه، قال: جئت إلى التوراة فنسخت منها ثلاث نسخ، كل نسخة تختلف عن الثانية، أزيد وأنقص وأقدم وأخر، وذهبت بها إلى اليهود إلى علمائهم فاشتروها راحت، جئت إلى الإنجيل فنسخت منه ثلاث نسخ كل نسخة تختلف عن الثانية، فذهبت بها إلى النصارى نفس الشيء، جئت إلى المصحف فكتبت ثلاث مصاحف وزدت ونقصت، وقدمت شيء لا يذكر أحرف فجئت به إلى سوق الوراقين من المسلمين أعرضه عليهم كل من فتح المصحف لفه في وجهي، يا خبيث هذا محرف، الثاني كذلك، الثالث كذلك، فعرفت أن هذا الدين حق، وأن دستوره مصون محفوظ، القصة عجيبة، حج يحيى بن أكثم فذكر القصة لسفيان بن عيينة قال: هذا منصوص عليه في القرآن، كيف؟! قال: الله -عز وجل- يقول في الكتب السابقة:{بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [(٤٤) سورة المائدة] هم استحفظوا وكل الحفظ إليهم فما حفظوا، وقال في القرآن:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(٩) سورة الحجر] تكفل الله بحفظه.