فالعزيز: إما من العزة وهي الندرة، أو من كونه عزّ بمجيئه من طريقٍ آخر وقوي، إما لقلته وندرته أو لقوته، لا شك أن العزيز أقوى من الفرد، أقوى من الغريب، فقد قوي بمجيئه من طريقٍ آخر، واصطلاحاً: ما ذكره الشيخ.
وما عن اثنين رواه اثنانِ ... فهو العزيز فافهمن تبيانِ
يعني: ما يرويه ولو في بعض طبقات السند اثنان فهو عزيز، ولا يشترط لصحة الخبر أن يكون عزيزاً، لا يشترط لصحة الحديث أن يكون عزيزاً، ولذا يقول ناظم النخبة لما عرف العزيز قال:
وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ ... وقد رُمي من قال بالتوهمِ
وقال في بعض النسخ:
وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ ... وقيل: شرطٌ وهو قول الحاكمِ
من أهل العلم من يرى أنه لا بد أن يصل إلى درجة العزيز وإلا فلا يصح، شرطٌ للصحة مطلقاً أو شرطٌ للبخاري في صحيحه، والواقع أنه ليس بشرطٍ لا للصحة مطلقاً ولا للبخاري في صحيحه، وإن كان شرط البخاري قوياً، لكنه لا يشترط التعدد، الذين يشترطون العدد في الرواية وأنه لا يقبل خبر الواحد المعتزلة، لكن المعتمد عند أهل السنة أن خبر الفرد خبر الواحد يصح ولو لم يأتِ إلا من طريقٍ واحد.
يفهم من كلام الحاكم أبي عبد الله أنه لا يصح الخبر حتى يروى من أكثر من طريق، وهذا مجرد فهم من كلامه في المعرفة، وصرح الكرماني الشارح بأن هذا شرطٌ للبخاري في صحيحه، أنه لا يخرج الحديث إلا إذا روي من طريق اثنين عن اثنين إلى آخره، لا يتفرد به شخصٌ واحد، وهذا كما قال أهل العلم: جهلٌ بالكتاب الذي يشرحه، أول حديث في الصحيح فرد، وآخر حديث في الصحيح فرد فكيف نقول: شرط البخاري أن لا يروي إلا ما ثبت عن اثنين عن اثنين إلى آخره، أول حديث في الصحيح وآخر حديث يرد هذه الدعوى، حتى قالوا: إن هذا جهلٌ بالكتاب الذي يشرحه.
ابن العربي في (عارضة الأحوذي) يقول: حديث: ((هو الطهور ماؤه)) حديثٌ صحيح ولم يخرجه البخاري لأنه ليس على شرطه لتفرد راويه به، طيب البخاري خرج حديث:(الأعمال بالنيات) البخاري خرج حديث أبي هريرة: ((كلمتان خفيفتان على اللسان)) .. إلى آخره حديث فرد، فرد مطلق، البيهقي أيضاً يفيد بعض كلامه أنه يشترط لصحة الخبر أن يروى من أكثر من طريق.