"وسائر الصالحين"، "الصالح" هو القائم بحقوق الله -جل وعلا- وحقوق عباده، هو القائم بحقوق الله -جل وعلا- وحقوق عباده، فهذا الوصف ليحرص المسلم على الاتصاف به؛ ليكون صالحاً لئلا يحرم نفسه من دعاء الناس له بالسلامة "السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين"، وهذه الجملة تقال من محمد -عليه الصلاة والسلام- إلى آخر مسلم يقولها ويكررها في كل صلاة، فالذي يتصف بضد الصلاح قد حرم نفسه من دعوات المسلمين على مر العصور والأزمان، وهذا حرمان عظيم ألا تحب أن يدعى لك وأنت لا تشعر من قبل الملايين، تحرم نفسك من هذه الدعوة، عليك أن تسعى جاهداً لتحقيق هذا الوصف.
"أما بعد": "أما": حرف شرط وتفصيل، "بعد" قائم مقام الشرط، وجوابها المتصل بالفاء "فقد روينا" إلى أخره ... ، و "بعد": قائم مقام الشرط مبني على الضم لحذف المضاف مع نيته؛ لأن بعد وقبل والجهات الست كلها لا تخلوا إما أن تضاف فتعرب {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ} [(١٣٧) سورة آل عمران]، أو تقطع عن الإضافة يعني يحذف المضاف إليه مع عدم نيته، وحينئذ تعرب منونة.
فصاغ لي الشراب وكنت قبلاً ... . . . . . . . . .
أو يحذف المضاف مع نيته وبقائه وكأنه مذكور وحينئذ تبنى على الضم.
و"أما بعد" الإتيان بها في الخطب والمراسلات والدروس، الإتيان بها سنة ثبتت عن أكثر من ثلاثين صحابياً عنه -عليه الصلاة والسلام-، فالإتيان بها سنة ولا يقوم غيرها مقامها، وإبدال الواو مكان أما هذا عرف عند المتأخرين، ويقولون: إن الواو تقوم مقام أما، لكنه لا يحصل به الامتثال والإقتداء بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، والأصل أن "أما بعد" تابعة للانتقال من موضوع إلى موضوع، من المقدمة إلى صلب الموضوع، أو من موضوع إلى موضوع أخر.
"أما بعد" قد اختلف العلماء في أول من قالها على أقوال:
جر الخُلف أما بعد من كان بادئاً ... بها عد أقوال وداود أقرب
ويعقوب أيوب الصبور وآدم ... وقس وسحبان وكعب ويعرب
ولكن الأكثر على أنه داود وهي فصل الخطاب الذي أوتيه.