للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني لو رجعت إلى المجموع للنووي وجدت فيه أحاديثاً ضعيفة، وهو ممن يجمع بين الفقه والحديث، وإذا رجعت إلى المغني فيه أحاديث ضعيفة، إذا رجعت إلى كتب الحنيفة كذلك، كتب المالكية كذلك، كيف يقولون: إن الضعيف لا يعمل به في الأحكام يتفقون على هذا ثم بعد ذلك كتبهم مملؤة، مرد ذلك إلى عدم علمهم بهذه الصنعة، يوردون الأحاديث يتناقلونها ينقلها بعضهم عن بعض وهم لا يعرفون ضعفها، وقد يحتاجون إلى تعليل الأحاديث، قد يقول قائل: النووي من أهل الصنعة ويعلل الأحاديث ويصحح ويضعف، لكنه قد يتساهل في التصحيح، قد يكتفي بتصحيح الترمذي، قد يكتفي بسكوت أبي داود ثم يدخل عليه الدخل من هذه الحيثية، بينما المغنى وغيره ليس بمثابة النووي في علم الحديث، لكنه مع ذلك له يد في التصحيح والتضعيف بالنقل عن غيره، وأكثر ما تجده يتعرض للتصحيح والتضعيف في أحاديث أللي يسميها الفقهاء الخصوم -يعني تسمية غير مقبولة-، لكن جروا على هذا، من الفقهاء من يسميهم الخصوم، يعني الزيلعي في "نصب الراء" يكثر من قوله: استدل الخصوم، ولنا وللخصم، وكذا، هذا على طريق سبيل المناظرة يعدونه خصم وهو في الأصل من أهل العلم ومن أهل الفضل، يعني يخاصم ينازع في حكم هذه المسألة، يعني بينهما نزاع في حكم هذه المسألة والنزاع هو الخصام، بس النزاع أخف والخلاف أخف من النزاع {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ} [(٤٦) سورة الأنفال]، المقصود أن من الفقهاء من يتعرض للتصحيح والتضعيف يصحح أحاديث التي يستدل بها، وقد ينقد الأحاديث التي يستدل بها مخالفه، وإن كان ابن قدامة يعني عنده شيء من الاعتدال والإنصاف، وقد يخرج عما يقرره في المذهب لقوة دليله، وإن كان النووي أوضح في هذا يعني مخالفة النووي للشافعية أكثر من مخالفة ابن قدامة للحنابلة تبعاً للدليل.

قلنا: إن إيراد هذه الأحاديث الضعيفة في كتب الأحكام مع أنه لا يحتج بها في الأحكام اتفاقاً إنما هو من باب غفلة مؤلفيها عن الصنعة الحديثية، ناهيك عما في كتب التفسير، وما في كتب المغازي، وما في السير، وما في التواريخ والأدب من الأخبار الضعيفة والباطلة والواهية هذا فيه كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>