نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث الثاني والعشرين:
"عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنهما-" يعني عن جابر وعن أبيه عبد الله بن حرام الشهيد "-رضي الله عنهما- أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: أرأيت" يعني أخبرني يا رسول الله "إذا صليت المكتوبات" يعني اقتصرت على الفرائض ولم أزد عليها، لا سنن قبلية ولا بعدية، كما جاء في حديث الأعرابي في قوله بعد أن ذكر الصلوات الخمس، قال: هل علي غيرها؟ قال:((لا إلا أن تطوع)) هذا أراد أن يقتصر على المكتوبات ولا يزيد نوافل لا قبل ولا بعد "وصمت رمضان" الفرض فقط، ما يصوم الست ولا عرفة ولا عاشوراء ولا أي يوم، ولا اثنين ولا خميس ولا بيض، يصوم رمضان، "وأحللت الحلال" يعني فعلته معتقداً حله "وحرمت الحرام" تركت الحرام، يعني تركت جنس الحرام، أحللت جنس الحلال، يعني جميع ما أحله الله أستحله معتقداً حله، أفعله معتقداً حله، وحرمت الحرام، يعني اجتنبته معتقداً حرمته "ولم أزد على ذلك شيئاً أأدخل الجنة؟ قال:((نعم)) " لأن مقتضى التقوى فعل المأمورات وترك المحظورات، وهذا هو المعروف في النصوص بالمقتصد، المقتصد الذي لا يزيد على ما أوجب الله عليه، ولا يترك سوى ما حرم الله عليه، لا يفعل نوافل ومستحبات، ولا يترك المكروهات والمباحات، هذا مقتصد، هذا مثل الذي صرفه بقدر دخله، لا يزيد ولا ينقص، أفضل منه السابق بالخيرات، وهو الذي يزيد على الفرائض النوافل، ويزيد على ترك المحظورات ترك المكروهات، هذا سابق بالخيرات، ودون المقتصد الظالم لنفسه، عنده أصل الدين، عنده التوحيد، لكنه قد يخل ببعض الواجبات، وقد يرتكب بعض المحظورات، هذا ظالم لنفسه، هذا خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، هؤلاء الأقسام، فهذه الأقسام الثلاثة كلها مآلها إلى الجنة كما جاء في سورة فاطر، فهم الثلاثة كلهم إلى الجنة، أما بالنسبة للسابق هذا معروف من أول وهلة، وكذلك المقتصد، وأما الظالم لنفسه فإنه إما أن يدخل برحمة أرحم الراحمين من أول وهلة، تكفر عنه هذه الذنوب الناشئة عن ترك الواجبات وفعل المحظورات أو يطهر، يعذب بقدرها، ثم يكون مآله إلى الجنة.