وعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:((جئت تسأل عن البر والإثم؟ )) قلت: نعم، قال:((استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك)) حديث حسن، رويناه في مسندي الإمام أحمد والدارمي بإسناد حسن.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث السابع والعشرين:
عن النواس بن سمعان -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((البر حسن الخلق)) وجاء تفسير البر في آية البقرة {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} [(١٧٧) سورة البقرة] يعني جاء تفسيره في القرآن غير التفسير المذكور هنا، فالبر يشتمل على أشياء كثيرة، البر اسم جامع لكل خصال الخير بدأ من الإيمان بالله وبقية أركان الإيمان، وجميع شرائع الإسلام كلها بر، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- حصر البر هنا بحسن الخلق، وحسن الخلق أشمل من أن يكون في التعامل مع المخلوق، فتتلقى الشرائع الإلهية والأوامر والنواهي بصدر رحب، لا مع ضيق النفس، لا مع تأفف، لا مع تذمر، فحسن الخلق يشمل جميع المعاملات، معاملة الإنسان مع ربه، معاملة الإنسان مع نفسه، معاملته مع غيره، حسن الخلق، وما وضع في الميزان أثقل من حسن الخلق.
((البر حسن الخلق)) هذا أسلوب حصر، تعريف جزئي الجملة يدل على الحصر، والحصر هنا إضافي للاهتمام بشأن ما حصر فيه المسند إليه، ليس بحصر حقيقي؛ لأن البر يكون بشرائع من شرائع الإسلام غير حسن الخلق، وإن كان حسن الخلق يمكن أن يدخل في جميع شرائع الإسلام، لكن مع ذلك هذا الحصر إضافي {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ} [(١٤٤) سورة آل عمران] هو رسول -عليه الصلاة والسلام-، وهو أيضاً له صفات أخرى بشرية ينتابه فيها ما ينتاب البشر، وما الشاعر إلا حسان، هناك شعراء غير حسان، على كل حال يسمونه في مثل هذه الحالة حصر إضافي.
((البر حسن الخلق، والإثم)) ما يقابل البر ((ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس)) لأنه لا بد أن يكون فيه شيء، إذا كرهت أن يطلع عليه الناس، وتخشى أن ينكر عليك لا بد أن يكون فيه شيء.