للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم"، "مقدمة"، وقد تفتح الدال "مقدَمة" فهي مقدِمة باعتبار أنها متقدمة على الكلام كله، وهي مقدَمة باعتبار أن المؤلف قدمها على هذا الكلام فيجوز في الدال الفتح والكسر، وإن كان الأشهر والأكثر هو الكسر.

ثم بعد ذلك قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "الحمد لله رب العالمين" ولسنا بحاجة إلى إعادة ما مر بنا مراراً من الكلام على الحمد، وأن كثيراً من أهل العلم يفسره بالثناء على الله -جل وعلا-، وأن ابن القيم -رحمه الله تعالى- انتقد هذا التعريف بحديث أبي هريرة في صحيح مسلم: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين} قال: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرحمن الرحيم} قال: أثنى علي عبدي)) فالثناء ليس هو الحمد، الحمد المكرر المثنى مرتين وثلاثاً، تكرار المحامد هي: الثناء على الله -جل وعلا - ولذلك لم يفسر النبي -عليه الصلاة والسلام-، الله -جل وعلا- في الحديث الصحيح ما قال: إذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين} قال: أثنى علي عبدي، إنما قال: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرحمن الرحيم} يعني كرر هذا الثناء وهذا الحمد سمي ثناءً، قال: أثنى علي عبدي، والتعريف المرضي عند ابن القيم -رحمه الله- أن الحمد: هو ذكر الله -جل وعلا- بأوصافه، بأوصافه التي بجميعها يستحق المدح، فجميع أوصاف الله -جل وعلا- متضمنة للمدح والحمد، فذكره -جل وعلا- بهذا الأوصاف هو حمده، وتكرار هذا الحمد هو الثناء، فالثناء هو الحمد المكرر، والحمد والشكر بينهما عموم وخصوص عند أهل العلم، والكلام في هذه المسألة يطول.

"الحمد لله" أل هذه للاستغراق فجميع أنواع المحامد لله -جل وعلا-، وهذه اللام {لله} لام الملك والاختصاص، فالحمد مملوك كله لله -جل وعلا- ومختص به -سبحانه وتعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>