((التقوى ههنا، التقوى ههنا، التقوى ههنا)) يشير النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى صدره وإلى جانبه الأيسر الذي فيه القلب، يشير إلى القلب، نعم التقوى والفجور كله في القلب ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) المعول على القلب، والجوارح أعوان لهذا القلب، وجنود له، ينفذ القلب بواسطتها ما يريد، لكن إذا ظهر على الجوارح شيء من المخالفات هل يمكن أن يحتج هذا المخالف بأن التقوى ههنا؟ نقول: لو كان في هذا المخفي شيء، أو أن التقوى موجودة في هذا القلب لظهرت على الجوارح؛ لأن ما ظهر على الجوارح من المخالفات برهان على تكذيب الدعوى التي هي التقوى، لما استدل الصحابي بقوله -جل وعلا-: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ} [(٩٣) سورة المائدة] قال: يشرب الخمر وهو تقي، قال له عمر -رضي الله عنه-: "أخطأت أستك الحفرة، لو اتقيت ما شربت الخمر" وهذا الذي تظهر عليه علامات الفسوق يحلق لحيته، ويشرب ما يشرب علناً، ويسبل ثيابه، أو عنده مخالفات، يقول: التقوى ههنا! هذا لو اتقى الله ما حصلت منه هذه الأمور، فقد كذب دعواه بفعله، وليس في هذا مستمسك للعصاة المعلنين بمعاصيهم أن يقولوا: التقوى ههنا، لو اتقى الله -جل وعلا- ما فعل هذه المعاصي.
((كل المسلم على المسلم حرام)) كل ما يتعلق بالمسلم حرام عليك ((دمه وماله وعرضه)) ((ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)) فدم المسلم حرام، لا يجوز أن يسفكه بغير حق، ولا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث على ما تقدم، وكذلك ماله فهو معصوم الدم والمال ما دام مسلماً، وعرضه كذلك، لا يجوز أن يغتاب، وإن كان عنده شيء من المخالفات، اللهم إلا من باب إذا ترتب على ذلك مصلحة راجحة، يعني من باب التحذير من هذه المعصية، فإن هذه المعصية تذكر ويحذر منها، ولو أدى ذلك إلى معرفة العاصي، ولا يجوز تسميته إذا أمكن أن يتأدى الغرض بغير تسمية.