للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات)) يعني هل نقول: فيه التفات، التفات من الخطاب إلى الغيبة، وإلا فالأصل أن يقول: (إني كتبت) مثلما قال: ((إني حرمت)) هنا قال: ((إن الله كتب)) يعني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله كتب الحسنات)) ما نحتاج إلى قوله: فيما يرويه عن ربه -تبارك وتعالى-؛ لأن كل الأحاديث التي يسوقها النبي -عليه الصلاة والسلام- بلفظه هو يرويه عن الله -جل وعلا-، ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فقوله: فيما يرويه عن ربه -تبارك وتعالى-، يعني مقتضى هذه الرواية أن يسند الكلام إلى الله -جل وعلا- كما في حديث أبي ذر السابق، لكن هنا قال: إن الله كتب الحسنات، فإما أن يقال: إن هذا التفات، التفات من الخطاب إلى الغيبة، بدلاً من أن يقول: إني كتبت، قال: إن الله كتب، وفي معاملة المخلوق يمكن أن يسموا مثل هذا تجريد، إيش معنى تجريد؟ المتكلم يجرد من نفسه شخصاً يتحدث عنه، ففي الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطى رهطاً وسعد جالس، ما قال: وأنا جالس، وسعد جالس، قالوا: هذا تجريد، جرد سعد من نفسه شخصاً آخر تحدث عنه.

((إن الله كتب الحسنات والسيئات)) كتبها عنده في اللوح المحفوظ، وأثبتها عنده، فمن هم بحسنة فلم يعملها، كتبها الله حسنة كاملة، همّ الهم مرتبة من مراتب القصد.

مراتب القصد خمس هاجس ذكروا ... يليه هم فعزم كلها رفعت

فخاطر فحديث النفس فاستمعا ... إلا الأخير ففيه الأخذ قد وقعا

الذي هو العزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>