توقدت العاطفة الدينية ايام الحروب الصليبية التي دامت مئتي عام، واخذ مديح الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- طريقه الى الشعر العربي بشكل قوي وواضح وبكثرة، وصار سمة من سمات هذا العصر ومن اظهر الاغراض الشعرية ومن احبها في نفوس الناس آنذاك، يقول الدكتور شوقي ضيف:
«وانبثقت من الشعر الصوفي منذ ابن دريد في اوائل القرن الرابع الهجري مدائح نبوية عطرة بالسيرة الذكية، وما نصل الى القرن السادس والسابع حتى يتكاثر هذا المديح ويزدهر. ونظن ظنا انه كان للحروب الصليبية اثر في ذلك ... وعرف الشعراء انها حرب دينية يشنها الغرب على الرسالة النبوية ورسولها الكريم، فاستحثوا الناس للدفاع عن دينهم، بل مضوا يستصرخونهم للذود عن وطنهم ومقدساتهم، محاولين بكل ما وسعهم ان يحيلوها شعلا آدمية تشوي وجوه الصليبيين وتأتي عليهم كأن لم يكونوا شيئا مذكورا، وفي الوقت نفسه مضوا يمدحون النبي الامين بعرض سيرته وبعث شذاها العطر، ورفعوها شعارات، بل لواءات، ليجتمع من حولها ابطال الاسلام والعرب، ويقضوا على