للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ مُسَيْلِمَةَ وَبَنِي حَنِيفَةَ، وَكَانُوا فِي قَرِيبٍ (مِنْ) مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَلَمَّا الْتَقَوْا جَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يَفِرُّونَ، فقال المهاجرون والأنصار: خلصنا يا خالد، فميزهم عنهم، وكان الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَصَمَّمُوا الحملة وجعلوا يتدابرون وَيَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، بَطَلَ السِّحْرُ اليوم، فهزموهم بإذن الله ولجأوهم إلى حديقة هناك، وَتُسَمَّى حَدِيقَةُ الْمَوْتِ، فَتَحَصَّنُوا بِهَا، فَحَصَرُوهُمْ فِيهَا، ففعل البراء بن مالك، أخو أنس ابن مَالِكٍ- وَكَانَ الْأَكْبَرَ- مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِهِ على الأسنة فَوْقَ الرِّمَاحِ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ أَعْلَى سُورِهَا، ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ وَنَهَضَ سَرِيعًا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ وَحْدَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى تَمَكَّنَ من فتح الْحَدِيقَةِ وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ يُكَبِّرُونَ وَانْتَهَوْا إِلَى قَصْرِ مسيلمة وهو واقف خارجه عند جدار كأنه جمل أزرق، أى من سمرته، فابتدروه وحشى ابن حَرْبٍ الْأَسْوَدُ، قَاتِلُ حَمْزَةَ، بِحَرْبَتِهِ، وَأَبُو دُجَانَةَ سماك بن حرشة الْأَنْصَارِيُّ- وَهُوَ الَّذِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ شَيْخُنَا هَذَا أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ- فَسَبَقَهُ وَحْشِيٌّ فَأَرْسَلَ الْحَرْبَةَ عَلَيْهِ مِنْ بُعْدٍ فَأَنْفَذَهَا مِنْهُ، وَجَاءَ إِلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ فَعَلَاهُ بِسَيْفِهِ فَقَتَلَهُ، لَكِنْ صرخت جارية من فوق القصر:

وا أميراه، قَتَلَهُ الْعَبْدُ الْأَسْوَدُ، وَيُقَالُ: إِنَّ عُمُرَ مَسَيْلِمَةَ يوم قتل مائة وأربعين سنة، لعنة الله، فمن طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ قَبَّحَهُ اللَّهُ.

وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فَإِنَّهُ قال: فإن قيل: فإن إبراهيم اختص بِالْخُلَّةِ مَعَ النُّبُوَّةِ، قِيلَ: فَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ مُحَمَّدًا خَلِيلًا وَحَبِيبًا، وَالْحَبِيبُ أَلْطَفُ مِنَ الْخَلِيلِ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ، وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، وَعَبْدِ

<<  <   >  >>