لجمال تتفرد به، أو لثراء ويسار، أو لمنقبة من المناقب التي تتميز بها المرغوب فيهن، وكانت تدرك جيدا أنها قد أريد من زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفقة عليها، والعطف والتحنن، وليست وراء ذلك عاطفة محصنة أو رغبة حسية كما يحدث في مثل هذه الأحوال والتي تكون بين رجل وامرأة. وكأن الرغبات الحسية والمتعة المنشودة لم تكن غاية وهدفا وراء هذا الزواج.
ورأت أن حسبها وكافيها أن تكون أم المؤمنين وخادمة لبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ... على الرغم من ترهل جسدها، وضخامة جثتها، وكان صلى الله عليه وسلم يضحك لذلك ... وما إن بنى عليه الصلاة والسلام على الفتاة الوضيئة الحسناء الحبيبة بنت الحبيب، الصديقة بنت الصديق عائشة، حتى أفسحت لها المجال، وقدّمتها على نفسها، وتعهدتها برعايتها وخدمتها، ساهرة على راحتها، قائمة بشئونها ...
لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متأثرا لذلك أشد التأثر، إذ إنه كان مشفقا عليها من الحرمان العاطفي، والجفاف الحسي الذي يجرح القلب، ويؤذي الشعور، وكأنها فضلة عطلا من الحس، خاوية من الشعور، خالية من الرغبة التي تتميز بها كل النساء في الارتواء من نهر الحب العاطفي الحسي المحصن الصافي من أزواجهن.
إن المعلوم المعروف من العلم بالضرورة أن المقصد الأسمى للزواج، والشرف الأعلى، والمنزع الكريم له، محصور أساسا ومن الدرجة الأولى وموقوف على الاستمتاع النفسي والعاطفي والوجداني، ثم يكون بعد ذلك باقي الاعتبارات ... لكن هنا في هذه الحالة رأى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السيدة «سودة» لم تستوف حقها من هذه الناحية، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينكر عليها ذلك، لكن لا يملك ولا يستطيع أن يغير من