والبناء عليها، فقوبل هذا العرض الطيب بالموافقة منه صلى الله عليه وسلم، فما كان منها إلا أن أرسلت إلى عمها عمر بن أسعد بن عبد العزى، فحضر، وتم على الفور زواجها منه صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك قبل أن يبعث رسولا، وقبل نبوته، وقد رزقه الله منها بالقاسم، وعبد الله، وهو الطاهر والطيب، ثم زينب ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
وقد كانت تنجب بمعدل كل عام ولدا أو بنتا، أي تضع كل عام، وكانت لذلك تسترضع لأبنائها وبناتها، وقد حظيت بشرف عظيم رفيع حيث صارت أمّا للمؤمنين، إذ إنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أول من أسلم من النساء والرجال على حد سواء، بل إنها أول من تلقى خبر الوحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تصلي معه سرا بادئ الرأي.
كانت أنجبت من زوجها الأول جارية ومن الثاني غلاما اسمه هند، وكانت تكنى بأم هند، قبل أن تتزوج من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأولاد النبي عليه الصلاة والسلام كلهم منها، ما عدا إبراهيم بن مارية القبطية، وقد توفيت رضي الله عنها بمكة سنة ثلاث قبل الهجرة. فرضي الله عنها وأرضاها.
إن حياة اليتم تجعل اليتيم في غربة من المجتمع والناس، وفي غربة من الأهلين في بعض الأحيان وليس بعد الأم والأب رفيق أو شفيق، إذ إن الأثرة هي الفطر المطبوع عليها أكثر بني البشر. وأجمل شوقي- رحمه الله- وأبدع عندما قال:
فإذا رحمت فأنت أم أو أب ... هذان في الدنيا هما الرحماء
فاليتيم المحروم من أمه وأبيه، حزين مكتئب مكسور الخاطر، إذ إنه يكون