للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبكي رحمة له ممّا أرى به وأمسح بيدي على بطنه ممّا به من الجوع، وأقول: نفسي لك الفداء؛ لو تبلّغت من الدّنيا بما يقوتك؟ فيقول: «يا عائشة؛ ما لي وللدّنيا؟! إخواني من أولي العزم من الرّسل صبروا على ما هو أشدّ من هذا، فمضوا على حالهم، فقدموا على ربّهم، فأكرم مابهم، وأجزل ثوابهم، فأجدني أستحيي إن ترفّهت في معيشتي أن يقصّر بي غدا دونهم، وما من شيء هو أحبّ إليّ من اللّحوق بإخواني وأخلّائي» .

قالت: فما أقام بعد شهرا حتى توفّي صلوات الله وسلامه عليه.

ثمّ قال رحمه الله تعالى بعد ثلاث ورقات: كان داود عليه الصّلاة والسّلام يلبس الصّوف، ويفترش الشّعر، ويأكل خبز الشّعير بالملح والرّماد، ويمزج شرابه بالدّموع.

وقيل لعيسى عليه الصّلاة والسّلام: لو اتّخذت حمارا؟

فقال: أنا أكرم على الله من أن يشغلني بحمار.

وكان يلبس الشّعر ويأكل الشّجر؛ ولم يكن له بيت، أينما أدركه النّوم.. نام. وكان أحبّ الأسامي إليه أن يقال له: (يا مسكين) .

وقيل: إنّ موسى [عليه الصّلاة والسّلام] لمّا ورد ماء مدين كانت ترى خضرة البقل في بطنه من الهزال.

وقال صلّى الله عليه وسلّم: «لقد كان الأنبياء قبلي يبتلى أحدهم بالفقر والقمل، وكان ذلك أحبّ إليهم من العطاء إليكم» .

<<  <   >  >>