فقال:«يا عائشة؛ إنّ من شرّ النّاس من تركه النّاس اتّقاء فحشه» .
أخرجه الثّلاثة.
قال: وكان مخرمة هذا من المؤلّفة قلوبهم، وكان في لسانه فظاظة، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يتّقي لسانه) اهـ
والظّاهر أنّ ما ذكره ابن الأثير من أنّ صاحب هذه القصّة هو مخرمة بن نوفل هو الصّحيح، أو: تكّررت.
وعن الحسن بن عليّ [رضي الله تعالى عنه] قال: قال الحسين:
سألت أبي عن سيرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في جلسائه.. فقال:
كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظّ ولا غليظ، ولا صخّاب ولا فحّاش، ولا عيّاب، ولا مشاحّ، يتغافل عمّا لا يشتهي؛ ولا يؤيس منه، ولا يجيب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك النّاس من ثلاث: كان لا يذمّ أحدا، ولا يعيبه؛ ولا يطلب عورته، ولا يتكلّم إلّا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلّم.. أطرق جلساؤه كأنّما على رؤوسهم الطّير، فإذا سكت.. تكلّموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّم عنده..
أنصتوا له حتّى يفرغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم، يضحك ممّا يضحكون منه، ويتعجّب ممّا يتعجّبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتّى أن كان أصحابه ليستجلبونهم، ويقول:«إذا رأيتم طالب حاجة يطلبها.. فارفدوه»«١» .
(١) ارفدوه: أعينوه على حاجته وساعدوه حتى يصل إليها.