عند الله.. فاختار ما عند الله» ، فبكى أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وظنّ أنّه يريد نفسه.
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:«على رسلك يا أبا بكر، سدّوا هذه الأبواب الشّوارع في المسجد، إلّا باب أبي بكر؛ فإنّي لا أعلم امرأ أفضل عندي في الصحبة من أبي بكر» .
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فقبض صلّى الله عليه وسلّم في بيتي، وفي يومي، وبين سحري ونحري «١» ، وجمع الله بين ريقي وريقه عند الموت، فدخل عليّ أخي عبد الرّحمن وبيده سواك، فجعل ينظر إليه، فعرفت أنّه يعجبه ذلك، فقلت له: اخذه لك؟ فأومأ برأسه- أي:
نعم- فناولته إيّاه، فأدخله في فيه، فاشتدّ عليه، فقلت: أليّنه لك؟
فأومأ برأسه- أي: نعم- فليّنته، وكان بين يديه ركوة ماء، فجعل يدخل فيها يده ويقول:«لا إله إلّا الله، إنّ للموت لسكرات» ، ثمّ نصب يده يقول:«الرّفيق الأعلى.. الرّفيق الأعلى» .
فقلت: إذا- والله- لا يختارنا.
وروى سعيد بن عبد الله، عن أبيه [رحمهما الله تعالى] قال: لمّا رأت الأنصار أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يزداد ثقلا.. أطافوا بالمسجد، فدخل العبّاس رضي الله تعالى عنه على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فأعلمه بمكانهم وإشفاقهم.
(١) السّحر: الصدر. والنّحر: موضع القلادة من الصدر.