للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت: قم يا عمر فصلّ بالنّاس، فقام عمر، فلمّا كبّر- وكان رجلا صيّتا سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صوته بالتّكبير.. فقال: «أين أبو بكر؟ يأبى الله ذلك، والمسلمون» قالها ثلاث مرّات: «مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس» ، فقالت عائشة رضي الله [تعالى] عنها: يا رسول الله؛ إنّ أبا بكر رجل رقيق، إذا قام في مقامك غلبه البكاء.

فقال: «إنّكنّ صويحبات يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالنّاس» .

قال: فصلّى أبو بكر بعد الصّلاة الّتي صلّى عمر.

فكان عمر يقول لعبد الله بن زمعة بعد ذلك: ويحك، ماذا صنعت بي؟ والله لولا أنّي ظننت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمرك.. ما فعلت، فيقول عبد الله: إنّي لم أر أحدا أولى بذلك منك.

قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: وما قلت ذلك ولا صرفته عن أبي بكر إلّا رغبة به عن الدّنيا، ولما في الولاية من المخاطرة والهلكة إلّا من سلّم الله، وخشيت أيضا ألايكون النّاس يحبّون رجلا صلّى في مقام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو حيّ أبدا- إلّا أن يشاء الله- فيحسدونه، ويبغون عليه، ويتشاءمون به، فإذا الأمر أمر الله، والقضاء قضاء الله تعالى، وعصمه الله تعالى من كلّ ما تخوّفت عليه من أمر الدّنيا والدّين.

وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: فلمّا كان اليوم الّذي مات فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.. رأوا منه خفّة في أوّل النّهار؛ فتفرّق عنه الرّجال إلى منازلهم وحوائجهم مستبشرين، وأخلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالنّساء، فبينا نحن على ذلك- لم نكن على مثل

<<  <   >  >>