للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنزل فيه إلى الأرض أبدا، طوي الوحي وطويت الدّنيا، وما كان لي في الأرض حاجة غيرك، وما لي فيها حاجة إلّا حضورك، ثمّ لزوم موقفي.

لا والّذي بعث محمّدا بالحقّ؛ ما في البيت أحد يستطيع أن يحير إليه في ذلك كلمة «١» ، ولا يبعث إلى أحد من رجاله لعظم ما يسمع من حديثه، ووجدنا وإشفاقنا.

قالت: فقمت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى أضع رأسه بين ثدييّ، وأمسكت بصدره، وجعل يغمى عليه حتّى يغلب، وجبهته ترشح رشحا ما رأيته من إنسان قطّ، فجعلت أسلت ذلك العرق «٢» ، وما وجدت رائحة شيء أطيب منه، فكنت أقول له إذا أفاق: بأبي أنت وأمّي، ونفسي وأهلي؛ ما تلقى جبهتك من الرّشح؟ فقال: «يا عائشة؛ إنّ نفس المؤمن تخرج بالرّشح، ونفس الكافر تخرج من شدقيه «٣» كنفس الحمار» .

فعند ذلك ارتعنا، وبعثنا إلى أهلنا، فكان أوّل رجل جاءنا- ولم يشهده- أخي، بعثه إليّ أبي، فمات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يجيء أحد، وإنّما صدّهم الله عنه؛ لأنّه ولّاه جبريل وميكائيل، وجعل إذا أغمي عليه.. قال: «بل الرّفيق الأعلى» ، كأنّ الخيرة تعاد عليه، فإذا أطاق الكلام.. قال: «الصّلاة.. الصّلاة؛ إنّكم لا تزالون


(١) أي: يعيدها.
(٢) أي: أزيله وأمسحه.
(٣) في نسخة: (شدقه) .

<<  <   >  >>