ولذا الحافظ ابن حجر قسم طبقات رجال الكتب الستة إلى اثنتي عشرة طبقة، فجعل الصحابة على اختلاف مراتبهم طبقة؛ لشرفهم ميزهم بطبقة مستقلة، وإن كان بعضهم تأخرت وفاته عن بعض التابعين، الطبقة الثانية: كبار التابعين، والثالثة: أوساط التابعين، والطبقة الرابعة: طبقة تلي الطبقة السابقة، وجل روايته عن التابعين، والخامسة: طبقة صغار التابعين، والسادسة: طبقة عاصروا السابقين، عاصروا صغار التابعين لكنهم لم يثبت لهم لقاء أحدٍ من الصحابة، والسابعة: طبقة أتباع التابعين، والثامنة: أوساطهم، والتاسعة: صغارهم، والعاشرة: كبار الآخذين عن تبع الأتباع، والحادية عشرة: أوساط الآخذين عن تبع الأتباع، والثانية عشرة: صغار الآخذين عن تبع الأتباع.
ابن حجر مشى على هذا، واستعمل هذه الطبقات في جميع الرواة الذين أوردهم في التقريب، بينما لم يشر إلى هذه الطبقات في التهذيب مثلاً؛ لأنه كتاب مبسوط، وتصنيف الرواة إلى طبقات يفيده في الاختصار، إذا أشار إلى أنهم من الطبقة كذا ما يحتاج إلى أن يقول أنه أخذ عن فلان أو عن فلان، أو يذكر ولادته، بل يقتصر على جزء من وفاته، فإذا ذكر الطبقة ذكر من سنة الوفاة الآحاد والعشرات وترك المئات؛ لأنه إذا قال: من السابعة أو من السادسة توفي سنة ٤٦، كيف يكون من السادسة وتوفي سنة ٤٦؟ توفي في عصر الصحابة معقول؟! لا، توفي سنة ٤٦ يعني ومائة، وما دام عرفت الطبقة وحددت هذه الطبقة وعرف على سبيل التقريب لا التحديد الوفاة والزملاء ومن يشابهه بالأخذ عن الشيوخ، وطبقة شيوخهم وطلابهم، والآخذين عنهم فتفيد معرفة الطبقات معرفة بالغة، ومعرفتها أمرٌ مهم بالنسبة للحديث.
الحافظ الذهبي -رحمه الله- زاد في الطبقات في تذكرة الحفاظ، فصنف الطبقات أوصلها إلى قريب من خمسين طبقة، لماذا؟ لأنه ذكر رواة تأخرت وفياتهم إلى قريب من عصره سبعمائة، فهؤلاء يحتاجون إلى تصنيف طبقات أخرى، علماً بأن الطبقات عنده قد لا تتفق مع ما ذكره الحافظ ابن حجر، المسألة اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح، يعني قد يضع هذا من السادسة وابن حجر وضعه من الخامسة أو العكس.