كان المأمون يقول: لو نطقت الدنيا، لما وصفت نفسها بأحسن من قول أبى نواس:
الاكلّ حي هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
قال سفيان بن عيينة: أحسن- والله- وأظرف شاعركم في قوله:
يا قمراً أبصرت في مأتم ... يندب شجواً بين أتراب
يبكي، فيذري الدر من نرجس ... ويلطم الورد بعناب
وإذا أعجب به سفيان- مع زهده وورعه- فما الظن بغيره؟! وقال هارون بن علي المنجم: أجمع أهل العلم بالشعر على أن أجود بيت للمحدثين «في المدح» قول أبي نواس في الفضل بن الربيع:
لقد نزلت أبا عباس منزلة ... ما إن ترى خلفها الأبصار مطرحاً
وكلت بالدهر عيناً غير غافلة ... من جود كفك تأسو كلّ من جرحا