"واجتناب ما لا يعنيه من قول وفعل" ولو كان مباحاً فضلاً عن المحرم، وفي الحديث الصحيح ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) وهذا عام في وقت الاعتكاف، وفي الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة وغيرها؛ لكنه يتأكد في الأوقات والأماكن الفاضلة، ويتأكد أيضاً في وقت الاعتكاف الذي فرغ الإنسان فيه ليكثر مما يرضي الله -جل وعلا-، واشتغاله بالمباحات يعوقه ويحول دونه ودون مزاولة هذه الأعمال العبادية، فضلاً عن كونه يزاول المحرمات؛ لأن مزاولة المحرمات نقيض الهدف الشرعي من الاعتكاف، الاعتكاف إنما شرع للعبادة، فإذا زاول محرم اقترف نقيض ما شرع الاعتكاف من أجله، وتأكد وشدد في حقه العقاب.
"ولا يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه" لا يخرج من المسجد هذا الأصل؛ لأن الأصل في الاعتكاف لزوم المسجد للعبادة، فلا يجوز له أن يخرج من المسجد إلا لما لا بد له منه "إلا أن يشترط".
لا بد له منه الطعام والشراب إذا منع من إدخاله إلى المسجد، وإلا يجوز الأكل والشرب في المسجد، فإذا منع من دخول الطعام والشراب جاز له أن يخرج من المسجد ليأكل ويشرب؛ لأن هذه ضرورة، يجوز له أيضاً أن يخرج من المسجد لقضاء حاجته.
"إلا أن يشترط" قد يقول قائل: العشر الأواخر فيها دوام، يستغرق وقتاً طويلاً من النهار، إذا اشترط الإنسان أن يداوم، يخرج من المسجد بداية الدوام، ويرجع إليه عند نهاية الدوام، مقتضى قولهم أنه يجوز له أن يشترط، ويكون مشترطه غير داخل في وقت الاعتكاف، له أن يشترط الخروج لبعض العبادات والطاعات كالصلاة على الجنائز، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، والمشاركة في دفنها، فإذا اشترط ذلك له، الأمر لا يعدوه.
"ولا يجوز له أن يباشر امرأته" الرسول -عليه الصلاة والسلام- يخرج رأسه إلى عائشة لترجله، فمثل هذا لا بأس به؛ لكن لا يجوز له أن يباشر امرأته، ولو بغير جماع من دواعيه من تقبيل ولمس، وما أشبه ذلك للنهي الصريح {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(١٨٧) سورة البقرة]