"إلا المساجد الثلاث" إذا نذر أن يعتكف في المسجد الحرام ليس له أن يعتكف بغيره، إذا نذر أن يعتكف في المسجد النبوي له أن يعتكف في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي؛ ولكن لا يجوز له أن يعتكف في غيرهما لوجود المزية الشرعية لهما على غيرهما، وإذا نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى له أن يعتكف في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، وليس له أن يعتكف في غيره الثلاثة، ولذا يقول:"إلا المساجد الثلاثة".
"فإذا نذر في المسجد الحرام لزمه، وإن نذر في مسجد المدينة فله فعله في المسجد الحرام" يعني والمسجد النبوي، "وإن نذر في المسجد الأقصى فله فعله فيهما" من باب أولى وله فعله فيما نذر فيه؛ لأنهما أفضل من المسجد الأقصى.
بعضهم يرى أنه لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة، ويروي في ذلك خبراً رده ابن مسعود، المقصود أنه يروي في ذلك خبراً أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة، وعلى كل حال على قوله: لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة فإن صح الخبر مع أن ابن مسعود شكك فيه، إن صح الخبر حمل على أنه لا اعتكاف أكمل وأفضل من الاعتكاف في المساجد الثلاثة، مع أن قوله -جل وعلا-: {وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [(١٨٧) سورة البقرة] يدل على العموم.
"ويستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب" وهي الطاعات الخاصة اللازمة، كالصلاة والذكر والتلاوة، تعليم العلم أو مذاكرة العلم إن كان شيئاً يسيراً بحيث لا يعطيه من الوقت والجهد ما يجعله يصرف له ما ينطبق على أنه اعتكف لهذا الأمر فلا بأس، وإلا فالأصل أن الاعتكاف للعبادات الخاصة؛ ليتفرغ فيه في هذه الليالي العشر للانكسار بين يدي الله -جل وعلا-.