العشر كلها، من العرفة بعينها، لم يقل سواها، يقول: ماذا تصنع تسع ليالي أقوم واحدة وأترك الباقي ويكفيني ألف شهر، بلا تسع ليالي، مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غفر له ما تقدم من ذنبه وما وتأخر وقام - عليه الصلاة والسلام - حتى تفطرت قدماه، شكراً لله -جل وعلا-، ((أفلا أكون عبداً شكورا))، فلو قام الإنسان عمره كله لما كان كثيراً في مقابل النعم التي يتقلب فيها من لله -جل وعلا-، التي كل واحدة منها لو قام عمره ما قام بشكرها.
على كل حال من أهل العلم من يرى أنها ثابتة في ليلة واحدة فمنهم من يرجح ليلة أحدى وعشرين كالشافعية ومنهم من يرجح ليلة ثلاثة وعشرين وله من ينصره وله أدلته، ومنه من يرجح أربعة وعشرين كما سمعتم، ومنهم من يرجح خمسة وعشرين، والحنابلة على أنها ليلة سبعة وعشرين، ومنهم من يقول: إنها أخر ليلة من رمضان، لا سميا إذا كانت ليلة تسعة وعشرين، ومنهم من يرجح الوتر إذا وافق ليلة جمعة، إذا وافق ليلة جمعة، وعلى كل حلا على الإنسان أن يحرص فيما ينفعه، وأن يقوم ليالي العشر لأن لها شأن عند الله -جل وعلا-، وكان النبي - عليه الصلاة والسلام-، إذا دخلت العشر شد المأزر واعتزل أهله وقام ليله، مع أنه لم يحفظ عنه أنه قام ليلة كاملة، لكنهم من يقول: أنه يقوم العشر كاملة، ومنهم من يقول: إنه يرتاح قليلاً وعلى كل حال الراحة هذه القليلة اليسيرة لا تؤثر إذا قصد بها الاستعانة على قيام بقية الليل أو الراحة من التعب الذي حصل له بسبب طول القيام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((أرى رأياكم قد تواطأت))، أرى يعني أعلم أن رؤيا كم قد تواطأت، يعني: توافقت على شيء معين، ((فلتسموها في العشر البواقي في الوتر منها))، ما قال: التمسوها في ليلة سبع وعشرين، التي رائها الصحابي، ما قال:((التمسوها في ليلة سبع وعشرين))، ولا قال:((الزموا ليلة إحدى وعشرين))، مع أنه كان قال - عليه الصلاة والسلام-: ((ليلة تسع وعشرين إني أرى أني أسجد في صبيحتها في ماء وطين))، فجاء المطر ووكف المسجد، ورؤيا أثر الماء والطين على وجهه - عليه الصلاة والسلام - لما انصرف من صلاة الصبح يوم واحد وعشرين.