- والله المستعان- ثم حبب إليه الخلال، خلاء المكان الخالي أو البعيد بحيث لا يحصل إليه أحد يتمكن فيه من العزلة، والعزلة جاءت بها النصوص:((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن))، جاء في العزلة نصوص كثيرة, وجاء في الخلطة مع الناس ونفع الناس والصبر على آذاهم أحاديث كثيرة, ولا شك أن هذه يختلف باختلاف الأشخاص، وباختلاف الأحوال والظروف، فالذي يستطيع أن يؤثر في الناس ولا يتأثر بما عندهم من المنكرات مثل هذا تتعين في حقه الخلطة، وإذا كان بالعكس يتأثر ولا يؤثر هذا يتعين في حقه العزلة، مع أنه مع أمره بالخلطة إذا كان لا يتأثر عليه أن يتخذ لنفسه وقت يخلوا فيه بها بربه - جل وعلا- ويصدق اللجاء إليه وينكسر بين يديه ويخفي ما يقدمه لله - جل وعلا- عن أعين الناس، ومع ذلك يخالط الناس وينفع الناس ويعلم الناس, ويأمر بالمعروف, وينهى عن المنكر, ويرشد الناس, ويوجههم, هذا لا شك أنه أفضل إلا إذا خشي على نفسه فيوشك أن يكون:((خير مال المسلم غنم يجمع بها شعف الجبال يتتبع القطر ويفر بدينه من الفتن))، حبب إليه الخلاء, فكان يأتي حران حرا جبل معروف وفيه غار على يمين الذاهب إلى منى فيتحنث فيه، فيتحنث فيه، وهو التعبد تخصيص هذا المكان لأن فيه هذا المكان المناسب الذي هو الغار, وهو النقب في الجبل, ولا يدل هذا على مزية وفضل لهذا الجبل بحيث يتتبع هذا الجبل, ويصعد ويتكلف الصعود إليه ويصلا فيه كما هو حاصل الآن من بعض الناس وجميع أو أكثر الرحالين الذين كتبوا في رحلات الحج يقصدون هذا الجبل ويصعدونه ويتعبون في الوصول إليه ويجدون الناس زرافات, ووحدان كلهم يصلي في هذا المكان طمعاً في فضله؛ لكنه جبل من الجبال لا ينفع ولا يضر، لا ينفع ولا يضر، فكان يأتي حرا فيتحنث فيه، يتحنث يعني: يسعى في طرح الحنث وهو الاثم، يتخلص من الحنث بالتعبد، قال:"التحنث هو التعبد", والتفسير هذا مدرج من كلام الزهري، التفسير مدرج من كلام الزهري, وهو تعبد الليالي ذوات العدد، يعني: معدودة وجاء في بعض الروايات بأنها من كل سنة شهراً، من كل سنة شهراً, ويتزود لذلك، يأخذ الزاد معه، يأخذ ما يحتاجه من أكل وشرب، وهذا