خلافاً لما تزعمه الصوفية بأنه إذا خلا بربه وتزود ولم يتزود خلا بربه ففرغ نفسه للخلوة بربه يكفيه هذا عن الزاد، ولو كان هذا هو الأفضل لفعله النبي - عليه الصلاة والسلام - بل كان يتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فتزوده بمثلها، هذا يدل على أنه لا يتقيد بشهر واحد, بل يرجع إلى الغار مرة ثانية بعد أن يتزود ولا شك أن هذا في الصحيحين وجاء ما يدل على أنه يوجاور شهراً, وأحياناً يكون من كل سنة شهراً, فأعماله متفاواته، أحياناً يقتصر على الشهر، وأحياناً يتزود ثم يرجع ثانية, وهكذا حتى جاءه الحق وهو في غار حرا، الحق الذي نزل به جبريل - عليه السلام - من عند الله - جل وعلا- وهو الوحي في غار حرا فجاءه الملك وهو جبريل بالاتفاق، ملك فيه فقال:"اقرأ"، اقرأ الرسول - عليه الصلاة والسلام - لا يقرأ ولا يكتب أمي، فقال:"اقرأ" فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((فقلت: ما أنا بقارئ))، أولاً: قول عائشة: "أول ما بدء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، معروف أن عائشة لم تكن ولدة، لم تكن ولدة في وقت البعثة فهذا معدود من مراسيل الصحابة, وهي مقبولة بالاتفاق إلا ما يحكى عن أبي إسحاق الاسفراييني أنه نازع في قبول خبر الخبر المرسل من الصحابي.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((فقلت: ما أني بقارئ)) يقول بعضهم: إن من قول فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن هذا من قوله لها فيكون موصلاً كأنه - عليه الصلاة والسلام- حدثها به، ولذا قال:((فقلت: ما أنا بقارئ))، ولو كان محدث غيره لقال: فقال: ما أنا بقارئ لكن صرح بقوله: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فدل على أنه ذكر ذلك لها فقلت: ما أنا بقارئ, فهو من هنا موصول وليس بمرسل، ما أنا بقارئ, يعني: لا أقرأ ولا أكتب يعني نفي للقراءة, وبعضهم يقول: إنه امتناع عن القراءة، بعضهم يقول: امتناع مثل تقول لواحد أفعل كذا يقول: ما أنا بفاعل، كأنه قال: لا, ما أنا بقارئ, ولكن الأكثر على أنه نفي للقراءة وهو الواقع، قال:((فغطني حتى بلغ مني الجهد)) , في نسخ ثانية يمكن نشوف، لأنه عندنا قال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ قال فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد في سقط هنا،