للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، فهل هي هنا على وجهها على حقيقتها، أو أنها من طرف واحد، من طرفين ولا من طرف واحد، من طرف واحد هو المثير الأول، الذي قتل يعني ضرب، القتل يطلق ويراد به مادون إزهاق النفس، ويطلق أيضا على الشتم والسب ((قاتل الله اليهود يعني لعنهم))، قاتله يعني إما سبه أو ضاربه أو شاتمه، هذا أيضاً مفاعلة يعني إذا كان شخصان صائمان أو أحدهما صائم والثاني مفطر، تعرض المفطر للصائم بالمقاتلة والمشاتمة والسب، فإن رد عليه الصائم بمثل ما بدأ به الشخص الأول صارت مقاتلة على وجهه وصارت مشاتمة على وجهه، لأنها مفاعلة من طرفين، لكن الذي في الحديث يدل على أن الثاني لا يبادله بمثل صنيعه، بل عليه أن يقول: إني صائم إني صائم، وعلى هذا تكون المفاعله من طرف واحد مثل: ما يقال: سافر فلان، سافر طرف واحد طارق النعل وهو واحد، فالمفاعل تأتي على غير بابها من طرف واحد، وهذا هو المراد هنا، فإن امرؤ قاتلة أو شاتمة فليقل: إني صائمٌ إني صائمٌ فيقل بلسانه أو في نفسه، نعم الأصل: أن القول باللسان، الأصل أن القول باللسان، لكن القول باللسان وإظهاره ليسمع فيه إظهار للعمل الذي هو في الأصل سر بين العبد وربه، فمنهم من يقول إن مثل هذا مبرر، ليكف نفسه ويكف غيره، وهذه المصلحة راجحة فلا مانع أن يصرح بها مطلقاً فرضاً كان صيامه أو نفلاً، لأنها مصلحة راجحة إذا قال له إني صائم كف عنه وكف نفسه أيضاً عن مبادلته عن هذا الجاهل بمثل ما بدأ به، ولا شك أن هذه مصلحة راجحة يغتفر فيها اضهار عمل السر، ومنهم من يقول: يقول ذلك في نفسه: لأن العمل الصالح ينبغي إخفاءه، لكن إذا قاله في نفسه هو يستطيع بذلك أن يكف نفسه عن شتم من شتمه وسب من سبه، لكن الثاني قد لا ينكف إلا بالتصريح بالفظ، ومنهم من يقول: يفرق بين الفرض والنفل، فإن كان نفلاً فليقل في نفسه، وإن كان فرضاً يشترك فيه مع غيره والناس كلهم صيام ويعرفون أنه صائم فلا مانع أن يقول: إني صائم، لأن هذا الصيام وإن أخفاه الإنسان فهو ظاهرٌ حكماً، صيام رمضان مثلاً يعني لو أن إنسان قال لشخص أخر إني صائم ينخدش صيامه؟ لا ينخدش صيامه لأن الكل صائم، الكل صائم، وحينئذ لا يغيظه أن يصرح بأنه صائم فإذا كان الصيام

<<  <  ج: ص:  >  >>