عرفنا أن من أهل العلم من أجاز التقبيل مطلقاً ومنهم من منعه مطلقاً، أجازه مطلقاً لأنه فعله النبي - عليه الصلاة والسلام - وهو أتقى الناس وأخشاهم لله، ومنهم من منعه مطلقاً لأنه وسيلة، والوسائل لها أحكام الغايات، ومنهم من فرق بين الكبير والصغير والشيخ والشاب، فالشيخ الكبير أقرب في تحقق الوصف وهو ملك الإرب من الشاب، وجاء فيه الحديث الذي ذكرناه وهو ضعيف، ومنهم من لا ينظر إلى السن ولا إلى كبر ولا إلى صغر، بل بعض الناس تكون شهوته أشد من بعض، بعض الشيوخ أشد شهوةً من بعض الشباب وإن كان الأصل أن الشباب أشد من الشيوخ هذا مفروغ منه هذا هو الأصل, لكن يبقى أن بعض الشيوخ أشد من الشباب في هذا الباب وحينئذ يمنع كالشاب, لأنه يخشى عليه أن يفسد صيامه، وقوله - عليه الصلاة والسلام-: ((يا معشر الشباب)) ما قال: يا معشر الشيوخ: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) ما قال: يا معشر الشيوخ مع أنه يوجد من الشيوخ وإن كن نادر أشد شهوة من بعض الشباب على قلة، ولذا لما قال عثمان - رضي الله عنه- لعبد الله بن مسعود:"ألا نزوجك فتاة تعيد لك ما مضى من شبابك"، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه الصلاة والسلام: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) وابن مسعود شيخ كبير في وقتها عمرها سبعين سنة وهذا فيه منقبة للطرفين لعثمان - رضي الله عنه- حينما عرض ابنته على هذا الشيخ الكبير طمعاً في دينه, لا في شبابه ونشاطه ولا في ماله فابن مسعود من فقراء المسلمين فهذه منقبة لعثمان وهو أمير المؤمنين في وقتها، ومنقبة لابن مسعود - رضي الله عنه- وأرضاه حيث رد عليك بالنص:((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) ما قال فرصة لا تعوض ولا تفوت، متى يعرض علينا مثل هذا لو بحثنا في بيوت المدينة ما وجدنا، فيظلم نفسه ويظلم هذه الفتاة فهي منقبة للطرفين - والله المستعان-.