للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأمثال التي في محبة المخلوق للمخلوق: كالوصل، والهجر والتجني بلا سبب من المحب، وأمثال ذلك مما يتعالى الله عنه علوا كبيرا، فهو مخطئ أقبح الخطأ وأفحشه، وهو حقيق بالإبعاد والمقت". انتهى.

وفي الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله " قوله في الصحيح: أي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم فذكره.

وأبو مالك: اسمه سعد بن طارق، كوفي ثقة مات في حدود الأربعين ومائة. وأبوه طارق بن أشيم - بالمعجمة والمثناة التحتية وزن أحمر - ابن مسعود الأشجعي، صحابي له أحاديث. قال مسلم: "لم يرو عنه غير ابنه".

وفي مسند الإمام أحمد عن أبي مالك قال: وسمعته يقول للقوم: " من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل " ورواه الإمام أحمد من طريق يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن أبيه. ورواه أحمد عن عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبا مالك قال: قلت لأبي - الحديث. ورواية الحديث بهذا اللفظ تفسر "لا إله إلا الله".

قوله: " من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله " اعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم علق عصمة المال والدم في هذا الحديث بأمرين: الأول: قول "لا إله إلا الله" عن علم ويقين، كما هو قيد في قولها في غير ما حديث كما تقدم. والثاني: الكفر بما يعبد من دون الله، فلم يكتف باللفظ المجرد عن المعنى. بل لا بد من قولها والعمل بها١.

قلت: وفيه معنى {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا} ٢.

قال المصنف - رحمه الله تعالى -: "وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله؛ فإنه لم يجعل


١ في قرة العيون: فيه دليل أنه لا يحرم ماله ودمه إلا إذا قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله, فإن قالها ولم يكفر بما يعبد من دون الله فدمه وماله حلال؛ لكونه لم ينكر الشرك ويكفر به, ولم ينفه كما نفته لا إله إلا الله. فتأمل هذا الموضوع فإنه عظيم النفع.
٢ سورة البقرة آية: ٢٥٦.

<<  <   >  >>