للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"باب النهي عن سب الريح"

عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به " ١. صححه الترمذي.

فيه مسائل:

الأولى: النهي عن سب الريح.

الثانية: الإرشاد إلى الكلام النافع إذا رأى الإنسان ما يكره.

الثالثة: الإرشاد إلى أنها مأمورة.

الرابعة: أنها قد تؤمر بخير وقد تؤمر بشر.


قوله: "باب النهي عن سب الريح".
" عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به ". صححه الترمذي".
لأنها- أي الريح- إنما تهب عن إيجاد الله تعالى وخلقه لها وأمره; لأنه هو الذي أوجدها وأمرها، فمسبتها مسبة للفاعل، وهو الله سبحانه، كما تقدم في النهي عن سب الدهر، وهذا يشبهه. ولا يفعله إلا أهل الجهل بالله ودينه وبما شرعه لعباده، فنهى أهل الإيمان عما يقوله أهل الجهل والجفاء، وأرشدهم إلى ما يجب أن يقال عند هبوب الرياح، فقال: " إذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به " ٢. يعني إذا رأيتم ما تكرهون من الريح إذا هبت، فارجعوا إلى ربكم بالتوحيد وقولوا: " اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها، وخير ما أمرت به، ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها، وشر ما أمرت به ".
ففي هذا عبودية لله وطاعة له ولرسوله، واستدفاع للشرور به، وتعرض لفضله ونعمته، وهذه حال أهل التوحيد والإيمان، خلافا لحال أهل الفسوق والعصيان الذين حُرموا ذوق طعم التوحيد الذي هو حقيقة الإيمان.

<<  <   >  >>