للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: "وعن عمران بن حصين "أن النبي صلي الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال ما هذه؟ قال: من الواهنة. قال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا; فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا " رواه أحمد بسند لا بأس به".

قال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك عن الحسن قال: أخبرني عمران بن حصين "أن النبي صلي الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة – قال: أراها من صفر - فقال: ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة. قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهنا. انبذها عنك؛ فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا " ١ رواه ابن حبان في صحيحه فقال: " فإنك إن مت وكلت إليها ". والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. وأقره الذهبي.

وقال الحاكم: أكثر مشايخنا على أن الحسن سمع من عمران. وقوله في الإسناد: "أخبرني عمران" يدل على ذلك٢.

قوله: "عن عمران بن حصين" أي ابن عبيد بن خلف الخزاعي، أبو نجيد - بنون وجيم – مصغر، صحابي ابن صحابي، أسلم عام خيبر، ومات سنة اثنتين وخمسين بالبصرة.

قوله: "رأى رجلا" في رواية الحاكم: " دخلت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر، فقال: ما هذه؟ " الحديث. فالمبهم في رواية أحمد هو عمران راوي الحديث. قوله: "ما هذه" يحتمل أن الاستفهام للاستفسار عن سبب لبسها، ويحتمل أن يكون للإنكار، وهو أشهر.

قوله: "من الواهنة" قال أبو السعادات: ٣ الواهنة عرق يأخذ في المنكب وفي اليد كلها، فيرقى منها. وقيل: هو مرض يأخذ في العضد، وهي تأخذ الرجال دون النساء٤ وإنما نهى عنها؛ لأنه إنما اتخذها على أنها تعصمه من الألم، وفيه اعتبار المقاصد٥.

قوله: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا " النزع هو الجذب بقوة، أخبر أنها لا

تنفعه بل تضره وتزيده ضعفا. وكذلك كل أمر نهى عنه فإنه لا ينفع غالبا وإن نفع بعضه فضره أكبر من نفعه.

قوله: " فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا " لأنه شرك. والفلاح هو الفوز والظفر والسعادة.


١ ابن ماجه: الطب (٣٥٣١) , وأحمد (٤/٤٤٥) .
٢ أحمد (٤/ ٤٤٥) واللفظ له، وابن حبان (١٤١١- موارد) ، والحاكم (٤/ ٢١٦) وإسناده ضعيف. وابن ماجة (٣٥٣١) بنحوه وراجع النهج السديد (١٠٠) .
٣ هو ابن الأثير, ولد سنة ٥٤٤ وتوفي سنة ٦٠٦ له عدة تآليف. منها النهاية في غريب الحديث.
٤ ومن هذا الباب: ما يفعله الجاهليون اليوم من إلباس أولادهم خلاخيل الحديد وغيره، يعتقدون أن ذلك يحفظهم من الموت الذي أخذ إخوتهم الذين ماتوا قبلهم. ومنه لبس حلقة الفضة للبركة أو لمنع البواسير, ولبس خواتيم لها فصوص مخصوصة للحفظ من الجن وغيرها.
٥ في قرة العيون: وإنما نهاه عنها لكونه أنها تمنع عنه هذا الداء أو ترفعه, فأمره صلى الله عليه وسلم بنزعها لذلك وأخبر أنها لا تزيده إلا وهنا; فإن المشرك يعامل بنقيض قصده؛ لأنه علق قلبه بما لا ينفعه ولا يدفع عنه, فإذا كان هذا بحلقة صفر فما الظن بما هو أطم وأعظم؟ كما وقع من عبادة القبور والمشاهد وغيرها كما لا يخفى على من له أدنى مسكة من عقل.

<<  <   >  >>