٢ ودع: فسره المصنف بترك أي فلا ترك الله له ما يحب. وفسره غيره بأنه دعاء عليه ألا يجعله الله في دعة ولا سكون. ٣ في قرة العيون: فإذا كان يقع مثل هذا في تلك القرون المفضلة، فكيف يؤمن أن يقع ما هو أعظم منه؟ لكن لغلبة الجهل به وقع منهم أعظم مما وقع من مشركي العرب وغيرهم في الجاهلية مما قد تقدم التنبيه عليه, حتى إن كثيرا من العلماء في هذه القرون اشتد نكيرهم على من أنكر الشرك الأكبر، فصاروا هم والصحابة - رضي الله عنهم - على طرفي نقيض, فالصحابة ينكرون القليل من الشرك; وهؤلاء ينكرون على من أنكر الشرك الأكبر، ويجعلون النهي عن هذا الشرك بدعة وضلالة، وكذلك كانت حال الأمم مع الأنبياء والرسل جميعهم فيما بعثوا به من توحيد الله تعالى وإخلاص العبادة له وحده, والنهي عن الشرك به, وقد بعث الله تعالى خاتم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك كما بعث به من قبله, فعكس هؤلاء المتأخرون ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب وغيرهم, فنصر هؤلاء ما نهى عنه من الشرك غاية النصرة، وأنكروا التوحيد الذي بعث به غاية الإنكار؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لما قال لقريش: (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا) عرفوا معناها الذي وضعت له وما أريد منها فقالوا: ٣٨: ٥ و ٦ و٧ (أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب) الآيات. وقال تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) . وفي صحيح البخاري وغيره في سؤال هرقل لأبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (فماذا يأمركم قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا, واتركوا ما يقول آباؤكم, ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة) .