للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم يقول: أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما " ورواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح، وأقره الذهبي١.

قوله: "إن الرقى". قال المصنف: "هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم من العين والحمة" يشير إلى أن الرقى الموصوفة بكونها شركا هي التي يستعان فيها بغير الله، وأما إذا لم يذكر فيها إلا بأسماء الله وصفاته وآياته; والمأثور عن النبي صلي الله عليه وسلم فهذا حسن جائز أو مستحب.

قوله: "فقد رخص فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم من العين والحمة" كما تقدم ذلك في باب من حقق التوحيد. وكذا رخص في الرقى من غيرها; كما في صحيح مسلم عن عوف بن مالك: " كنا نرقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا " ٢ وفي الباب أحاديث كثيرة.

قال الخطابي: وكان عليه السلام قد رقى ورقي، وأمر بها وأجازها، فإذا كانت بالقرآن وبأسماء الله فهي مباحة أو مأمور بها، وإنما جاءت الكراهة والمنع فيما كان منها بغير لسان العرب، فإنه ربما كان كفرا أو قولا يدخله شرك. قلت: من ذلك ما كان على مذاهب الجاهلية التي يتعاطونها، وأنها تدفع عنهم الآفات، ويعتقدون أن ذلك من قبل الجن ومعونتهم. وبنحو هذا ذكر الخطابي.

وقال شيخ الإسلام: " كل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلا عن أن يدعو به، ولو عرف معناه؛ لأنه يكره الدعاء بغير العربية، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعارا فليس من دين الإسلام٣".


١ صحيح: أحمد (١/٣٨١) وأبو داود: كتاب الطب (٣٨٨٣) : باب في تعليق التمائم وابن ماجة كتاب الطب (٣٥٣٠) : باب في تعليق التمائم، والحاكم (٤/٤١٨,٤١٧) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وابن حبان (١٤١٢- موارد) . وصححه الألباني في الصحيحة (٣٣١) .
٢ مسلم: السلام (٢٢٠٠) , وأبو داود: الطب (٣٨٨٦) .
٣ وذلك مثل قول أرباب الطرق الصوفية في أورادهم: "كركدن كرددن دهده, أصباءوات أهيا شراهيا جلجلوت" وأمثالها مما يقولون عنه أنه ذكر الله, فهذا كله ليس من دين الإسلام في شيء؛ لأن الإسلام عربي متين, وهذا وغيره يدل على أن أصل هذه الطرق الصوفية خدعة يهودية هندية فارسية يونانية. كادوا بها للمسلمين ففرقوهم شيعا وأحزابا، وملأوا قلوبهم من الشرك في الإلهية والشرك في الربويية. فوصلوا من ذلك إلى ما يريدون من تقويض الدولة الإسلامية.

<<  <   >  >>