وقوله:" {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} " أي لا تسمعهما قولا سيئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء {وَلا تَنْهَرْهُمَا} أي لا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء ابن أبي رباح:" لا تنفض يديك عليهما".
ولما نهاه عن الفعل القبيح والقول القبيح أمره بالفعل الحسن والقول الحسن فقال:{وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} أي لينا طيبا بأدب وتوقير. وقوله:{اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} أي تواضع لهما {وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا} أي في كبرهما وعند وفاتهما {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} .
وقد ورد في بر الوالدين أحاديث كثيرة، منها:
الحديث المروي من طرق عن أنس وغيره " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما صعد المنبر قال: آمين، آمين، آمين. فقالوا: يا رسول الله على ما أمنت؟ قال: أتاني جبريل فقال: يا محمد، رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل: آمين، فقلت: آمين. ثم قال: رغم أنف امرئ دخل عليه شهر رمضان ثم خرج ولم يغفر له، قل: آمين، فقلت: آمين. ثم قال: رغم أنف امرئ أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة، قل: آمين، فقلت آمين " ١. وروى الإمام
١ أخرجه عن أنس: ابن أبي شيبة والبزار في مسنديهما من طريق سلمة بن وردان عنه, وسلمة ضعيف. ورواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد، وابن حبان في ثقاته وصحيحه, والطبراني في الكبير, والبخاري في بر الوالدين, والبيهقي في شعب الإيمان, والضياء المقدسي في المختارة, كلهم عن كعب بن عجرة, ورجاله ثقات. وأخرجه ابن حبان في الصحيح والثقات والطبراني ورجاله ثقات عن مالك بن الحويرث, ورواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني في تهذيبه والدارقطني في الأفراد. وأشار إليه الترمذي وأخرجه النسائي وابن السني في اليوم والليلة، والضياء المقدسي في المختارة, كلهم عن جابر بن عبد الله. وأخرجه البزار والطبراني عن عمار بن ياسر. وأخرجه البزار عن ابن مسعود. وأخرجه الطبراني عن ابن عباس وأبي ذر. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن أبي هريرة وهو عند البيهقي في الدعوات مختصرا. وعند الترمذي وأحمد وقال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه الدارقطني في الأفراد، والبزار في مسنده، والطبراني في الكبير عن جابر بن سمرة, وأخرجه البزار والطبراني وابن أبي عاصم عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي.