للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "وقوله تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} ".

يقول تعالى لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم: قل يا محمد: هل أخبركم بشر جزاء عند الله يوم القيامة مما تظنونه بنا؟ وهم أنتم أيها المتصفون بهذه الصفات المفسرة بقوله: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} أي أبعده من رحمته {وَغَضِبَ عَلَيْهِ} أي غضبا لا يرضى بعده أبدا {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} ١. وقد قال الثوري عن علقمة بن مرثد عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن المعرور بن سويد أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن القردة والخنازير، أهي مما مسخ الله؟ فقال: إن الله لم يهلك قوما - أو قال: لم يمسخ قوما - فجعل لهم نسلا ولا عقبا، وإن القردة والخنازير كانت قبل ذلك ". رواه مسلم٢.

قال البغوي في تفسيره: {قُلْ} يا محمد " هل أنبئكم " أخبركم {بِشَرٍّ مِنْ {ذلكم} الذي ذكرتم، يعني قولهم: لم نر أهل دين أقل حظا في الدنيا والآخرة منكم، ولا دينا شرا من دينكم، فذكر الجواب بلفظ الابتداء وإن لم يكن الابتداء شرا; لقوله تعالى: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ {ذَلِكُمُ {النَّارُ} ٣.

وقوله: {مَثُوبَةً} ثوابا وجزاء، نصب على التفسير {عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ} أي هو من لعنه الله {وَغَضِبَ عَلَيْهِ} يعني اليهود {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} فالقردة أصحاب السبت، والخنازير كفار مائدة عيسى. وعن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس: " أن المسخين كلاهما من أصحاب السبت، فشبابهم مسخوا قردة وشيوخهم مسخوا خنازير ".

{وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} أي وجعل منهم من عبد الطاغوت، أي أطاع الشيطان فيما

سول له، وقرأ ابن مسعود٤ "عبدوا الطاغوت"، وقرأ حمزة و "عُبُد" بضم الباء، و "الطاغوت "


١ سورة المائدة آية: ٦٠.
٢ رواه مسلم في كتاب القدر في باب بيان أن الآجال والأرزاق لا تزيد ولا تنقص من وجهين: أولهما: عن أبي بكر بن أبي شيبة; وأبي كريب عن مسعر. وهذا هو الذي فيه: "ولا عقبا". والثاني: عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وحجاج بن الشاعر واللفظ لحجاج: وليس فيه "ولا عقبا".
٣ سورة الحج آية: ٧٢.
٤ في البغوي: وتصدقها قراءة ابن مسعود.

<<  <   >  >>