للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: المراد به شهر صفر، والنفي لما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، وكانوا يحلون المحرم ويحرمون صفر مكانه، وهو قول مالك.

وروى أبو داود عن محمد بن راشد عمن سمعه يقول: أن أهل الجاهلية يتشاءمون بصفر، ويقولون: إنه شهر مشئوم; فأبطل النبي صلي الله عليه وسلم ذلك. قال ابن رجب: ولعل هذا القول أشبه الأقوال، والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها، وكذلك التشاؤم بيوم من الأيام كيوم الأربعاء، وتشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة. قوله: "ولا نوء" النوء واحد الأنواء، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى.

قوله: "ولا غول" هو بالضم اسم، وجمعه أغوال وغيلان، وهو المراد هنا.

قال أبو السعادات: الغول واحد الغيلان، وهو جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس، تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم، أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم، فنفاه النبي صلي الله عليه وسلم وأبطله. فإن قيل: ما معنى النفي وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: ١ " إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان " ٢؟ أجيب عنه: بأن ذلك كان في الابتداء، ثم دفعها الله عن عباده. أو يقال: المنفي ليس وجود الغول، بل ما يزعمه العرب من تصرفه في نفسه، أو يكون المعنى بقوله: "لا غول " أنها لا تستطيع أن تضل أحدا مع ذكر الله والتوكل عليه. ويشهد له الحديث الآخر: " لا غول ولكن السعالي سحرة الجن " أي ولكن في الجن سحرة لهم تلبيس وتخييل. ومنه الحديث: " إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان ". أي ادفعوا شرها بذكر الله. وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها أو عدمها. ومنه حديث أبي أيوب: " كان لي تمر في سَهوة فكانت الغول تجيء فتأخذ".

ولهما عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل. قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة " ٣.


١ ضعيف. أخرجه أحمد (٣/٣٨٢,٣٠٥) من حديث جابر رضي الله عنه. وسنده ضعيف كما أشار إلى ذلك الحافظ في تخريج الأذكار. ورواه الطبراني في الأوسط كما في الجامع الصغير عن أبي هريرة, وضعفه الألباني أيضا في ضعيف الجامع (٥٣٥) . وقال الهيثمي في المجمع (١٠/١٣٤) : ((فيه عدي بن الفضل متروك)) اهـ.
٢ قال السيوطي في الجامع الصغير: ((رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة وهو ضعيف)) .
٣ البخاري: الطب (٥٧٥٧) , مسلم: السلام (٢٢٢٤) , والترمذي: السير (١٦١٥) ، وأبو داود: الطب (٣٩١١) , وأحمد (٢/٤٢٠ ,٢/٤٣٤) ، (٣/١٧٣) .

<<  <   >  >>