للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: " ولأبي داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال: " ذكرت الطيرة عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلما، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك ".

قوله: "عن عقبة بن عامر" هكذا وقع في نسخ التوحيد، وصوابه: عن عروة بن عامر كذا أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما. وهو مكي اختلف في نسبه; فقال أحمد: عن عروة بن عامر القرشي، وقال غيره: الجهني. واختلف في صحبته، فقال الماوردي: له صحبة، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. وقال المزي: لا صحبة له تصح.

قوله: "فقال: أحسنها الفأل" قد تقدم أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعجبه الفأل. وروى الترمذي وصححه عن أنس رضي الله عنه: " أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجته يحب أن يسمع: يا نجيح، يا راشد " ١. وروى أبو داود عن بريدة: " أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأله عن اسمه، فإذا أعجبه فرح به، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه " ٢. وإسناده حسن. وهذا فيه استعمال الفأل.

قال ابن القيم: " أخبر صلي الله عليه وسلم أن الفأل من الطيرة وهو خيرها، فأبطل الطيرة، وأخبر أن الفأل منها ولكنه خير منها، ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهما من الامتياز والتضاد، ونفع أحدهما ومضرة الآخر، ونظير هذا: منعه من الرقى بالشرك، وإذنه في الرقية إذا لم يكن فيها شرك؛ لما فيها من المنفعة الخالية من المفسدة".

قوله: "ولا ترد مسلما" قال الطيبي: " تعريض بأن الكافر بخلافه".

قوله: " اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت ". أي لا تأتي الطيرة بالحسنات ولا تدفع المكروهات، بل أنت وحدك لا شريك لك الذى تأتي بالحسنات وتدفع السيئات. و "الحسنات" هنا النعم، و "السيئات" المصائب؛ كقوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ


١ صحيح الترمذي: كتاب السير (١٦١٦) : باب ما جاء في الطيرة. وقال: حسن غريب صحيح. وصححه الألباني في صحيح الجامع (٤٨٥٤) .
٢ صحيح. أبو داود: كتاب الطب (٣٩٢٠) : باب في الطيرة. وحسنه الحافظ في الفتح (١٠/٢١٥) . (*) وأخرجه أحمد أيضا (٥/٣٤٧-٣٤٨) . وصححه الألباني في الصحيحة (٧٦٢) .

<<  <   >  >>