للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن أعماله كلها باطلة، يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدة تعبه فيها ونصبه؛ إذ لم يجرد موالاته ومعاداته وحبه وبغضه وانتصاره وإيثاره لله ورسوله، فأبطل الله عز وجل ذلك العمل كله. وقطع تلك الأسباب، فينقطع يوم القيامة كل سبب وصلة ووسيلة ومودة كانت لغير الله، ولا يبقى إلا السبب الواصل بين العبد وربه، وهو حظه من الهجرة إليه وإلى رسوله وتجريده عبادته لله وحده ولوازمها: من الحب والبغض، والعطاء والمنع، والموالاة والمعاداة، والتقريب والإبعاد، وتجريد متابعة رسول الله صلي الله عليه وسلم تجريدا محضا بريئا من شوائب الالتفات إلى غيره، فضلا عن الشرك بينه وبين غيره; فضلا عن تقديم قول غيره عليه.

فهذا السبب هو الذي لا ينقطع بصاحبه، وهذه هي النسبة التي بين العبد وربه، وهي نسبة العبودية المحضة، وهي آخيته التي يجول ما يجول وإليها مرجعه، ولا تتحقق إلا بتجريده متابعة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، إذ هذه العبودية إنما جاءت على ألسنتهم، وما عرفت إلا بهم ولا سبيل إليها إلا بمتابعتهم. وقد قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} ١. فهذه هي الأعمال التي كانت في الدنيا على غير سنة رسله وطريقتهم ولغير وجهه، يجعلها الله هباء منثورا لا ينتفع منها صاحبها بشيء أصلا. وهذا من أعظم الحسرات على العبد يوم القيامة: أن يرى سعيه ضائعا. وقد سعد أهل السعي النافع بسعيهم. انتهى ملخصا.

الثامنة: تفسير: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ٢.

التاسعة: أن من المشركين من يحب الله حبا شديدا.

العاشرة: الوعيد على من كان الثمانية٣ أحب إليه من دينه.

الحادية عشرة: أن من اتخذ ندا تساوي محبته محبة الله فهو الشرك الأكبر.


١ سورة الفرقان آية: ٢٣.
٢ سورة البقرة آية: ١٦٦.
٣ هي الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن.

<<  <   >  >>