للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ١ رواه البخاري.

قوله "حسبنا الله" أي كافينا، فلا نتوكل إلا عليه. قال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} ٢.

قوله: {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي نعم الموكول إليه، كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} ٣ ومخصوص "نعم" محذوف تقديره "هو".

قال ابن القيم -رحمه الله-: " هو حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه; وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه. ومن خافه واتقاه، أمنه مما يخاف ويحذر، ويجلب إليه ما يحتاج إليه من المنافع".

قوله: "قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار". قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} ٤.

قوله: "وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ". وذلك بعد منصرف قريش والأحزاب من أُحد "بلغه أن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا الكرة عليهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا حتى انتهى إلى حمراء الأسد، فألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فرجع إلى مكة بمن معه، ومر به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة. قال: فهل أنتم مبلغون محمدا عني رسالة؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم. فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان. فقال: حسبنا والله ونعم الوكيل ". ففي هاتين القصتين فضل هذه الكلمة العظيمة، وأنها قول الخليلين -عليهما الصلاة والسلام- في الشدائد. وجاء في الحديث:

فيه مسائل:

الأولى: أن التوكل من الفرائض.

الثانية: أنه من شروط الإيمان.

الثالثة: تفسير آية الأنفال.

الرابعة: تفسير الآية في آخرها.

الخامسة: تفسير آية الطلاق.

السادسة: عظم شأن هذه الكلمة: أنها قول إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم في الشدائد.

" إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل " ٥.


١ سورة آل عمران آية: ١٧٣.
٢ سورة الزمر آية: ٣٦.
٣ سورة الحج آية: ٧٨.
٤ سورة الأنبياء آية: ٨٦-٨٧-٨٨.
٥ضعيف. رواه أحمد (١/٣٢٦) ، وابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا كما في الجامع الصغير، وضعفه المناوي في فيض القدير (١/ ٤٥٥) ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٨٢٩) .

<<  <   >  >>