للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهما- لا يريان التمتع بالعمرة إلى الحج، ويريان أن إفراد الحج أفضل أو ما هو معنى هذا، وكان ابن عباس يرى أن التمتع بالعمرة إلى الحج واجب ويقول: " إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، فقد حل من عمرته شاء أم أبى "؛ لحديث سراقة بن مالك حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة، ويحلوا إذا طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة، فقال سراقة: " يا رسول الله ألِعامنا هذا أم للأبد؟ فقال: بل للأبد " ١. والحديث في الصحيحين.

وحينئذ فلا عذر لمن استفتى أن ينظر في مذاهب العلماء وما استدل به كل إمام، ويأخذ من أقوالهم ما دل عليه الدليل إذا كان له ملكة يقتدر بها على ذلك. كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ٢.

وللبخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت " ٣ ٤. هذا لفظ البخاري في حديث عائشة -رضي الله عنها-. ولفظه في حديث جابر: " افعلوا ما أمرتكم به، فلولا أني سقت الهدي لفعلت مثل الذي أمرتكم " ٥ في عدة أحاديث تؤيد قول ابن عباس.

وبالجملة فلهذا قال ابن عباس لما عارضوا الحديث برأي أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-: " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء ". الحديث.

وقال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: " ما منا إلا راد ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم". وكلام الأئمة في هذا المعنى كثير.

وما زال العلماء -رحمهم الله- يجتهدون في الوقائع، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر، كما في الحديث٦ ٧. لكن إذا استبان لهم الدليل أخذوا به وتركوا اجتهادهم. وأما إذا لم


١ البخاري: كتاب العمرة (١٧٨٥) : باب عمرة التنعيم بلفظ: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ فال: "لا بل للأبد" ومسلم: كتاب الحج (١٢١٦) (١٤١) : باب بيان وجوه الإحرام.. من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
٢ سورة النساء آية: ٥٩.
٣ البخاري: كتاب الحج (١٦٥١) : باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، كتاب العمرة (١٧٨٥) : باب عمرة التنعيم، كتاب التمني (٧٢٣٠) : باب قول -النبي صلى الله عليه وسلم-: لو استقبلت من أمري ما استدبرت. ومسلم: كتاب الحج (١٢١٦) (١٤٣) : باب بيان وجوه الإحرام، واللفظ له في الرواية التي ذكرها المؤلف من حديث جابر -رضي الله عنه- والبخاري: كتاب التمني (٧٢٢٩) باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لو استقبلت من أمري ما استدبرت. ومسلم: كتاب الحج (١٢١١) (١٣٠) ; باب بيان وجوه الإحرام من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
٤ قال ذلك حين أمرهم في حجة الوداع أن يفسحوا حجهم إلى العمرة, ليكونوا متمتعين. ووجدوا في أنفسهم من ذلك لقرب ذهابهم إلى منى, وقصر المدة التي يقيمونها في مكة متمتعين بنسائهم حتى قالوا: "نذهب إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا". انظر: زاد المعاد في حجة الرسول -صلى الله عليه وسلم -.
٥ البخاري: الحج (١٥٦٨) .
٦ وذلك في حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطا فله أجر ". أخرجه البخاري: كتاب الاعتصام (٧٣٥٢) : باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ. مسلم: كتاب الأقضية (١٧١٦) (١٥) : باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ.
٧ "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا أخطأ فله أجر".

<<  <   >  >>