للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت ". رواه النسائي وصححه".

قوله: "عن قتيلة" بمثناة مصغرة بنت صيفي الأنصارية صحابية مهاجرة، لها حديث في سنن النسائي، وهو المذكور في الباب. ورواه عنها عبد الله بن يسار الجعفي.

وفيه: قبول الحق ممن جاء به كائنا من كان. وفيه: بيان النهي عن الحلف بالكعبة، مع أنها بيت الله التي حجها وقصدها بالحج والعمرة فريضة. وهذا يبين أن النهي عن الشرك بالله عام لا يصلح منه شيء، لا لملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا للكعبة التي هي بيت الله في أرضه. وأنت ترى ما وقع من الناس اليوم من الحلف بالكعبة وسؤالها ما لا يقدر عليه إلا الله. ومن المعلوم أن الكعبة لا تضر ولا تنفع. وإنما شرع الله لعباده الطواف بها والعبادة عندها وجعلها للأمة قبلة، فالطواف بها

وله أيضا: عن ابن عباس " أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال: أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده " ١.

مشروع والحلف بها ودعاؤها ممنوع. فميز أيها المكلف بين ما يشرع وما يمنع، وإن خالفك من خالفك من جهلة الناس الذين هم كالأنعام، بل هم أضل سبيلا.

قوله: "إنكم تشركون. تقولون: ما شاء الله وشئت". والعبد وإن كانت له مشيئة فمشيئته تابعة لمشيئة الله، ولا قدرة له على أن يشاء شيئا إلا إذا كان الله قد شاءه، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٢. وقوله: {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} ٣.

وفي هذه الآيات والأحاديث: الرد على القدرية والمعتزلة، نفاة القدر الذين يثبتون للعبد مشيئة تخالف ما أراده الله تعالى من العبد وشاءه. وسيأتي ما يبطل قولهم في "باب ما جاء في منكري القدر" إن شاء الله تعالى، وأنهم مجوس هذه الأمة.


١ ابن ماجه: الكفارات (٢١١٧) , وأحمد (١/٢٢٤) .
٢ سورة التكوير آية: ٢٨-٢٩.
٣ سورة الإنسان آية: ٣٠-٣١.

<<  <   >  >>