للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن، قال عبد الله بن عمر: وأنا رأيته متعلقا بحِقْب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكبه الحجارة، وهو يقول يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ١ " ٢. وقد رواه الليث عن هشام بن سعد بنحو هذا.

وقال ابن إسحاق: "وقد كان جماعة من المنافقين منهم: وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيد بن عمرو بن عوف، ورجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له مخشي بن حمير، يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنا بكم غدا

مقرنين في الجبال، إرجافا وترهيبا للمؤمنين. فقال مخشي بن حمير: والله لوددت أني أقاضي على أن يُضْرَب كل رجل منا مائة جلدة; وأنا نتفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر: أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بل قلتم: كذا وكذا وكذا، فانطلق إليهم عمار، فقال ذلك لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه. فقال وديعة بن ثابت - ورسول الله واقف على راحلته- فجعل يقول وهو آخذ بحقها: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب. فقال مخشي بن حمير: يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي، فكان الذي عناه أي بقوله تعالى: {نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} ٣ في هذه الآية: مخشي ابن حمير فسمي عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيدا لا يُعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر". وقال عكرمة في تفسير هذه الآية: "كان رجل ممن إن شاء الله عفا عنه يقول: اللهم إني أسمع آية أنا أعني بها تقشعر منها الجلود، وتجل منها القلوب. اللهم فاجعل وفاتي قتلا في سبيلك، لا يقول أحد أنا غسلت، أنا كفنت، أنا دفنت. قال: فأصيب يوم اليمامة، فما أحد من المسلمين إلا وقد وجد غيره".


١ سورة التوبة آية: ٦٥-٦٦.
٢ حسن: رواه ابن جرير (١٠/ ١١٩) ، وابن أبي حاتم (٤/ ٦٤) عن ابن عمر وإسناد ابن أبي حاتم حسن، كما قال الشيخ مقبل في الصحيح المسند ص (٧١) . قال الدوسري: وأما روايات محمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة فهي مرسلة، وقد أخرجها ابن جرير (١٠/ ١١٩ , ١٢٠) .
٣ سورة التوبة آية: ٦٦.

<<  <   >  >>