وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته، وعرف موجب حكمته وحمده. فمن قنط من رحمته وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء. ومن جوّز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم، ويسوي بينهم وبين أعدائه فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن أنه يترك خلقه سدى معطلين عن الأمر والنهي، لا يرسل إليهم رسله ولا ينزل عليهم كتبه، بل يتركهم هَمَلا كالأنعام، فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن أنه لن يجمع عبيده بعد موتهم للثواب والعقاب في دار يجازى المحسن فيها بإحسانه والمسيء بإساءته، ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه، ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله، وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين فقد ظن به ظن السوء. ومن ظن أنه يضيع عليه عمله الصالح الذي عمله خالصا لوجهه على امتثال أمره، ويبطله عليه فيه مسائل: الأولى: تفسير آية آل عمران. الثانية: تفسير آية الفتح. بلا سبب من العبد، وأنه يعاقبه بما لا صنع له فيه ولا اختيار له ولا قدرة ولا إرادة له في حصوله، بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به، أو ظن به أنه يجوز عليه أن يؤيد أعداءه الكاذبين عليه بالمعجزات التي يؤيد بها أنبياءه ورسله، ويجريها على أيديهم ليضلوا بها عباده، وأنه يحسن منه كل شيء حتى تعذيب من أفنى عمره في طاعته فيخلده في الجحيم