للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشواهده في أقوال الصحابة والتابعين وأتباعهم. فمن ذلك قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا

وروى الدارمي والحاكم والبيهقي بأصح إسناد إلى علي بن الحسين بن شقيق، قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: " نعرف ربنا بأنه فوق سبع سماواته على العرش استوى، بائن من خلقه، ولا نقول كما قالت الجهمية ". قال الدارمي: حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا علي بن الحسين بن شقيق عن ابن المبارك: قيل له: " كيف نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه ".

وقد تقدم قول الأوزاعي: " كنا - والتابعون متوافرون - نقول: إن الله -تعالى ذكره- بائن من خلقه، ونؤمن بما وردت به السنة ".

وقال أبو عمر الطلمنكي في كتاب الأصول: أجمع المسلمون من أهل السنة على أن الله استوى على عرشه بذاته. وقال في هذا الكتاب أيضا: أجمع أهل السنة على أن الله تعالى استوى على عرشه على الحقيقة لا على المجاز. ثم ساق بسنده عن مالك قوله: " الله في السماء وعلمه في كل مكان ". ثم قال في هذا الكتاب: " أجمع المسلمون من أهل السنة أن معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ١ ونحو ذلك من القرآن: أن ذلك علمه، وأن الله فوق السماوات بذاته مستو على عرشه كيف شاء". وهذا لفظه في كتابه.

وهذا كثير في كلام الصحابة والتابعين والأئمة، أثبتوا ما أثبته الله في كتابه على لسان رسوله على الحقيقة على ما يليق بجلال الله وعظمته، ونفوا عنه مشابهة المخلوقين، ولم يمثلوا ولم يكيفوا، كما ذكرنا ذلك عنهم في هذا الباب.

وقال الحافظ الذهبي: وأول وقت سمعت مقالة من أنكر أن الله فوق عرشه: هو


١ سورة الحديد آية: ٤.

<<  <   >  >>