للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سماء إلى سماء خمسمائة عام ". ولا منافاة بينهما؛ لأن تقدير ذلك بخمسمائة عام هو على سير القافلة مثلا، ونيف وسبعون سنة على سير البريد؛ لأنه يصح أن يقال: بيننا وبين مصر عشرون يوما باعتبار سير العادة، وثلاثة أيام باعتبار سير البريد. وروى شريك بعض هذا الحديث عن سماك فوقفه. هذا آخر كلامه ١.


(١) في قرة العيون: قلت: وهذا الحديث له شواهد في الصحيحين وغيرهما مع ما يدل عليه صريح القرآن، فلا عبرة بقول من ضعفه. وقد ابتدأ المصنف -رحمه الله تعالى- هذا المصنف العظيم ببيان توحيد الإلهية؛ لأن أكثر الأمة ممن تأخر قد جهلوا هذا التوحيد, وأتوا بما ينافيه من الشرك والتنديد, فقام ببيان التوحيد الذي دعت إليه الرسل ونهوهم عما كانوا عليه من الشرك المنافي لهذا التوحيد. فالدعوة إلى ذلك هي أهم الأمور وأوجبها لمن وفقه الله لفهمه, وأعطاه القدرة على الدعوة إليه, والجهاد لمن خالفه ممن أشرك بالله في عبادته، فقرر هذا التوحيد كما ترى في هذه الأبواب، ثم ختم كتابه بتوحيد الأسماء والصفات؛ لأن أكثر العامة ليس لهم التفات الى هذا العلم الذي خاض فيه من ينتسب إلى العلم. وأما من ينتسب إلى العلم فهم أخذوا عمن خاض في هذه العلوم, وأحسنوا الظن بأهل الكلام, وظنوا أنهم على شيء, فقبلوا ما وجدوه عنهم, فقرروا مذهب الجهمية, وألحدوا في توحيد الأسماء والصفات، وخالفوا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة وأئمة الحديث والتفسير من المتقدمين، وما زال أهل السنة متمسكين بذلك لكنهم قلوا، فهدى الله هذا الإمام إلى معرفة أنواع التوحيد فقررها بأدلتها, فلله الحمد على توفيقه وهدايته إلى الحق حين اشتدت غربة الإسلام، فضل عنه من ضل من أهل القرى والأمصار. وغيرهم. وبالله التوفيق. فقد اجتمع في هذا المصنف أنواع التوحيد الثلاثة التي أشار إليها العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى- بقوله:.
والعلم أقسام ثلاث ما لها ... من رابع والحق ذو تبيان
علم بأوصاف الإله وفعل ... وكذلك الأسماء للرحمن
والأمر والنهي الذي هو دينه ... وجزاؤه يوم المعاد الثاني
وصلى الله على سيد المرسلين, وإمام المتقين, محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <   >  >>