٢ سورة هود آية: ٢. ٣ في قرة العيون: وأما قول المتكلمين ومن تبعهم: إن أول واجب معرفة الله بالنظر والاستدلال، فذلك أمر فطري فطر الله عليه عباده, ولهذا كان مفتتح دعوة الرسل أممهم إلى توحيد العبادة: (أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) أي لا تعبدوا إلا الله. قال تعالى: ٢١: ٢٥ (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) ، وقال تعالى: ١٤: ١٠ (قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض) . قال العماد ابن كثير - رحمه الله تعالى -: ((هذا يحتمل شيئين: "أحدهما" أفي وجوده شك؟ فإن الفطرة شاهدة بوجوده ومجبولة على الإقرار به, فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة. "والمعنى الثاني" أفي إلهيته وتفرده بوجوب العبادة له شك؟ وهو الخالق لجميع الموجودات فلا يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له؛ فإن غالب الأمم كانت مقرة بالصانع ولكن تعبد معه غيره من الوسائط التي يظنون أنها تقربهم من الله زلفى)) اهـ. قلت: وهذا الاحتمال الثاني يتضمن الأول. روى أبو جعفر ابن جرير بسنده عن عكرمة ومجاهد وعامر أنهم قالوا: ليس أحد إلا وهو يعلم أن الله خلقه وخلق السماوات والأرض فهذا إيمانهم. وعن عكرمة أيضا تسألهم من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله فذلك إيمانهم وهم يعبدون غيره. وتقدم أن "لا إله إلا الله " قد قيدت بالكتاب والسنة بقيود ثقال. منها: العلم واليقين والإخلاص والصدق والمحبة والقبول والانقياد, والكفر بما يعبد من دون الله. فإذا اجتمعت هذه القيود لمن قالها نفعته هذه الكلمة، وإن لم تجتمع هذه لم تنفعه، والناس متفاوتون في العلم بها والعمل، فمنهم من ينفعه قولها ومنهم من لاينفعه كما لا يخفى.