ولقد انتفع المسلمون من مصنفات ابي الحسن الدارقطني على مر العصور، حتى قال ابن الصلاح رحمه الله:(سبعة من الحفاظ احسنوا التصنيف وعظم الانتفاع بتصانيفهم في اعصارنا) ، وبدا بابي الحسن الدارقطني رحمه الله تعالى.
منهج الدارقطني في النقد: لما كان موضوع البحث هو نقد الرواة ناسب ان اذكر لمحة عن منهج الدارقطني في النقد، فقد كان له منهج متميز يقوم على الاحاطة الجيدة بالراوي الذي يتكلم عليه إذ انه يتوقف عن الحكم على الرجل إذا لم يخبره كما في الترجمة (٦٢٢) من الضعفاء، و (١٠٩) من سؤالات حمزة، وتظهر شخصية الدارقطني في النقد عندما يخالف كبار الحفاظ من النقاد ويعطي رايا خاصا قائما على الدراية التامة، والنزاهة في الحكم، كما انه كان واثقا من نقده، معتزا برايه، قال السلمي:(وسالته عن ابي حامد الشرقي؟ فقال: ثقة مامون امام، فقلت: فما تكلم فيه ابن عقدة؟ فقال: سبحان الله وترى يؤثر فيه مثل كلامه؟ ولو كان بدل ابن عقدة يحيى بن معين، قلت: وابو علي الحافظ كان يقول من ذلك، فقال: وما كان محل ابي علي، وان كان مقدما في الصنعة ان يسمع كلامه في ابي حامد رحمه الله، أبو حامد..صحيح الدين صحيح الرواية) .
كذلك تظهر شخصيته في ترجيح راي بعض النقاد على بعض أو تضعيف ما يراه ضعيفا من آراء غيره، أو تصويب ما يراه خطا، كما ستأتي امثلة ذلك في دراستي لكتاب (الضعفاء) وسؤالات السهمي، مع سؤالات الحاكم، والدارقطني معتدل في النقد فانه لا يترك الراوي لابسط شبهة، بل يمحص