الراوي ويختبر رواياته ثم يحكم عليه فيكون حكمه حكما دقيقا مستندا على ادلة علمية بعيدا عن التسرع والعجلة مثال ذلك الترجمة (١٤٢) من الضعفاء وهو جابر بن يزيد الجعفي، فقد قال فيه أبو حفصة:(ما رايت أكذب من جابر الجعفي.
) وتركه (يحيى بن مهدي) وقال النسائي: (متروك) وغير ذلك من النقاد، في
حين نرى ان الدارقطني يسلك منهجا معتدلا وسطا فيقول:(ان اعتبر له بحديث بعد حديثا صالحا إذا كان عن الائمة.
) فقول الدارقطني فيه هو قول الناقد المتأمل في رواياته العارف بها فانه لم يتركه مطلقا ولم يوثقه مطلقا..بل اعطى فيه حكما وسطا الا هو ان اعتبر له بحديث يعد صالحا فهو الحديث الذي رواه عنه الائمة.
وكذا الحال بالنسبة للترجمة رقم (٣٢٣) من الضعفاء وهو عبد الله بن لهيعة فانه قال فيه: (يعتبر بما يروي عنه العبادلة، ابن المبارك، والمقرئ، وابن وهب) .
ويوافقه الذهبي على هذا فيقول في تذكرة الحفاظ: ١ / ٢٣٨: (فحديث هؤلاء عنه اقوى، وبعضهم يصححه، ولا يرتقي الى هذا) وكذا بالنسبة للترجمة (٤٦) من سؤالات السهمي وهو محمد بن عثمان بن ابي شيبة فقد كذبه اقرانه واتهموه بتهم شتى، وعندما سئل عنه الدارقطني يجيب بقوله:(كان يقال: اخذ كتاب ابي انس وكتب منه فحدث.
) فقوله كان يقال: فيه اشعار بتضعيف القول كما انه لم يتهمه بما اتهمه الاخرون، وقال عنه في سؤالات الحاكم:(ضعيف) .
وامثال هذا كثير سيلا حظه الباحث وهو يطالع الكتاب.
ان نزاهة الدارقطني، واعتداله في الجرح والتعديل جعلت له المكانة المرموقة بين الحفاظ والنقاد فهذا الذهبي يقول في ترجمة محمد بن الفضل السدوسي، شيخ البخاري بعد ان نقل قولي ابن حبان الذي ضعفه، وقول الدارقطني الذي وثقه: (قلت: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يات بعد