{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَهُمْ عَلَيْكَ} وانتصاب ورسلاً على إضمار فعل أي: قد قصصنا رسلاً عليك، فهو من باب الاشتغال. والجملة من قوله: قد قصصناهم، مفسرة لذلك الفعل المحذوف، ويدل على هذا قراءة أبي ورسلُ بالرفع في الموضعين على الابتداء. وجاز الابتداء بالنكرة هنا، لأنه موضع تفصيل كما أنشدوا: فثوب لبست وثوب أجر.
وقال امرؤ القيس:
بشق وشق عندنا لم يحوّل
ومن حجج النصب على الرفع كون العطف على جملة فعلية وهي: وآتينا داود زبوراً. وقال ابن عطية: الرفع على تقدير وهم: رسل، فعلى قوله يكون قد قصصناهم جملة في موضع الصفة. وجوّزوا أيضاً نصب ورسلاً من وجهين: أحدهما: أن يكون نصباً على المعنى، لأن المعنى: إنا أرسلناك وأرسلنا رسلاً.
{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} هذا إخبار بأن الله شرف موسى بكلامه، وأكد بالمصدر دلالة على وقوع الفعل على حقيقته لا على مجازه، هذا هو الغالب. وقد جاء التأكيد بالمصدر في المجاز، إلا أنه قليل. فمن ذلك قول هند بنت النعمان بن بشير الأنصاري:
بكى الخز من عوف وأنكر جلده
وعجت عجيجاً من جذام المطارف
وقال ثعلب: لولا التأكيد بالمصدر لجاز أن تقول: قد كلمت لك فلاناً بمعنى كتبت إليه رقعة وبعثت إليه رسولاً، فلما قال: تكليماً لم يكن إلا كلاماً مسموعاً من الله تعالى.
{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} وانتصب رسلاً على البدل وهو الذي عبر عنه الزمخشري بانتصابه على التكرير. قال: والأوجه أن ينتصب على المدح. وجوّز غيره أن يكون مفعولاً بأرسلنا مقدرة، وأن يكون حالاً موطئة. ولئلا متعلقة بمنذرين على طريق الإعمال. وجوّز أن يتعلق بمقدر أي: أرسلناهم بذلك أي: بالبشارة والنذارة لئلا يكون.
{لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} تقدم الكلام على لام الجحود.