{قَدْ جَآءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَئَامِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ} وفي انتصاب خيراً لكم هنا. وفي قوله: انتهوا خيراً لكم في تقدير الناصب ثلاثة أوجه: مذهب الجليل، وسيبويه. وأتوا خيراً لكم، وهو فعل يجب إضماره. ومذهب الكسائي وأبي عبيدة: يكن خيراً لكم، ويضمر إن يكن ومذهب الفراء إيماناً خيراً لكم وانتهاء خيراً لكم، بجعل خيراً نعتاً لمصدر محذوف يدل عليه الفعل الذي قبله. والترجيح بين هذه الأوجه مذكور في علم النحو.
ومن هنا لابتداء الغاية، وليست للتبعيض كما فهمه بعض النصارى فادعى أن عيسى جزء من الله تعالى، فرد عليه علي بن الحسين بن وافد المروزي حين استدل النصراني بأنّ في القرآن ما يشهد لمذهبه وهو قوله: وروح منه، فأجابه ابن وافد بقوله:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه} . وقال: إن كان يجب ذها أن يكون عيسى جزأ منه وجب أن يكون ما في السموات وما في الأرض جزأ منه، فانقطع النصراني وأسلم. وصنف ابن فايد إذ ذاك كتاب النظائر.
وقال ابن عطية: يحتمل أن يكون التقدير المعبود ثلاثة، أو الآلهة ثلاثة، أو الأقاليم ثلاثة. وكيفما تشعب اختلاف عبارات النصارى فإنه يختلف بحسب ذلك التقدير انتهى. وقال الزجاج: تقديره إلهاً ثلاثة. وقال الفراء وأبو عبيد: تقديره ثلاثة كقوله: {سيقولون ثلاثة} وقال أبو علي: التقدير الله ثالث ثلاثة، حذف المبتدأ والمضاف انتهى.